كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

قَضَاءِ الْفَرْضِ أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْإِقَامَة حَيّ علىالصلاة مَعْنَاهُ هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ أَيِ الَّتِي يُقَامُ لَهَا فَأَسْعَدُ النَّاسِ بِامْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ يَتَشَاغَلْ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُ النَّافِلَةَ إِذَا أُقِيمَتِ الْفَرِيضَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَخَصَّ آخَرُونَ النَّهْيَ بِمَنْ يُنْشِئُ النَّافِلَةَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الَّتِي أُقِيمَتْ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُصَلِّي فَرْضًا وَلَا نَفْلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ كَالظُّهْرِ مَثَلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنْ جَازَتْ إِعَادَةُ الْفَرْضِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ذَلِكَ الْفَرْضَ قَوْلُهُ تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ تَابَعَا بَهْزَ بْنَ أَسَدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَا عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ بِإِسْنَادِهِ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمُتَابَعَةِ بِقَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ فَقَطْ وَالثَّانِي يَشْمَلُ جَمِيعَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَطَرِيقُ غُنْدَرٍ وَصَلَهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ كَذَلِك وَطَرِيق معَاذ وَهُوَ بن مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَحَجَّاجٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كُلُّهُمْ عَن شُعْبَة كَذَلِك قَوْله وَقَالَ بن إِسْحَاقَ أَيْ صَاحِبُ الْمَغَازِي عَنْ سَعْدٍ أَيِ بن إِبْرَاهِيمَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ قَوْلُهُ وَقَالَ حَمَّاد يَعْنِي بن سَلَمَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَآخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وبن مَنْدَهْ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ وَوَهِمَ الْكِرْمَانِيُّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ حَمَّادًا وَافَقَ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَقع فِي روايتهما عَن بن بُحَيْنَةَ مُبْهَمًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ قُتَيْبَةَ فِي وَقْتٍ عَمْدًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ مَالِكُ بْنُ بُحَيْنَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّهْوُ فِيهِ مِنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ بِالْعِرَاقِ وَقَدْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مِنَ الْوَهْمِ قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ خَطَأٌ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَهْلَ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ ظَنَّ أَنَّ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُرْسَلَةٌ فَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم

الصفحة 151