كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ وَمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ اسْتَخْلَفَ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَعْلَى مِنَ الْمَأْمُومِينَ وَمَذْهَبُ عِيَاضٍ خِلَافُهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ مَحَلُّ الْمَنْعِ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَكَانِهِ الْعَالِي أَحَدٌ وَهُنَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ
[688] قَوْلُهُ وَهُوَ شَاكٍ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ بِوَزْنِ قَاضٍ مِنَ الشِّكَايَةِ وَهِيَ الْمَرَضُ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ بعده أَنه سَقَطَ عَنْ فَرَسٍ قَوْلُهُ فَصَلَّى جَالِسًا قَالَ عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ مِنَ السَّقْطَةِ رض فِي الْأَعْضَاء مَنعه من الْقيام قلت وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ قَدَمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم انفكت كَمَا فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل عَن حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَكَذَا لأبي دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ جُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ جُحِشَ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى السُّطُوحِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ قَدَمِهِ انْفَكَّتْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْجَحْشِ بِأَنَّهُ الْخَدْشُ وَالْخَدْشُ قَشْرُ الْجِلْدِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُ مِنَ الزُّهْرِيِّ شِقَّهُ الْأَيْمن فَلَمَّا خرجنَا قَالَ بن جريج سَاقه الْأَيْمن قلت وَرِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَلَيْسَتْ مُصَحَّفَةً كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لِمُوَافَقَةِ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الْمَذْكُورَةِ لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَحَلِّ الْخَدْشِ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ الْخَدْشَ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْقِصَّةِ أَنَّ عَائِشَةَ أَبْهَمَتِ الشَّكْوَى وَبَيَّنَ جَابِرٌ وَأَنَسٌ السَّبَبَ وَهُوَ السُّقُوطُ عَنِ الْفَرَسِ وَعَيَّنَ جَابِرٌ الْعِلَّةَ فِي الصَّلَاةِ قَاعِدًا وَهِي انفكاك الْقدَم وَأفَاد بن حِبَّانَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي ذِي الْحجَّة سنةخمس مِنَ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ الْحَدِيثَ وَقَدْ سُمِّيَ مِنْهُمْ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَسٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَجَابِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَعُمَرُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَوْلُهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا مِنَ الْإِشَارَةِ وَكَذَا لِجَمِيعِهِمْ فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ وَوَقَعَ هُنَا لِلْحَمَوِيِّ فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَشُورَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَن هِشَام بِلَفْظ فاخلف بِيَدِهِ يومىء بِهَا إِلَيْهِمْ وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهَا الْغَايَةَ قَوْلُهُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ الِائْتِمَامُ الِاقْتِدَاءُ وَالِاتِّبَاعُ أَيْ جُعِلَ الْإِمَامُ إِمَامًا لِيُقْتَدَى بِهِ وَيُتَّبَعَ وَمِنْ شَأْنِ التَّابِعِ أَنْ لَا يَسْبِقَ مَتْبُوعَهُ وَلَا يُسَاوِيَهُ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي مَوْقِفِهِ بَلْ يُرَاقِبُ أَحْوَالَهُ وَيَأْتِي عَلَى أَثَرِهِ بِنَحْوِ فِعْلِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَاجِبةٌ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ فَذَكَرَ الرُّكُوعَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ وَقَدْ خَرَجَتْ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَكَأَنَّهُ يَعْنِي قِصَّةَ مُعَاذٍ الْآتِيَةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفعاله لافى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ حَامِل نَجَاسَة فَإِن الصَّلَاة خَلفه تصح لمن لَمْ يَعْلَمْ حَالَهُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ثمَّ مَعَ وجوب الْمُتَابَعَة لَيْسَ شَيْء مِنْهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَاخْتُلِفَ فِي الِائْتِمَامِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اشْتِرَاطُهُ مَعَ الْإِحْرَامِ وَالْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَخَالف الْحَنَفِيَّة
الصفحة 178