كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَرْكِ إِصَابَةِ الْوَقْتِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ هَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إِذَا فَسَدَتْ فَسَدَتْ صَلَاةُ من خَلفه قَوْله وَأَن أخطؤا أَيِ ارْتَكَبُوا الْخَطِيئَةَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَطَأَ الْمُقَابِلَ لِلْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ إِذَا خِيفَ مِنْهُ وَوَجَّهَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ إِذَا خِيفَ مِنْهُ بِأَنَّ الْفَاجِرَ إِنَّمَا يَؤُمُّ إِذَا كَانَ صَاحِبَ شَوْكَةٍ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صَلَّى بِقَوْمٍ مُحْدِثًا أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ صِحَّةُ الِائْتِمَامِ بِمَنْ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ رُكْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِذَا أتم الْمَأْمُوم وَهُوَ وَجه عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ هُوَ الْخَلِيفَةُ أَوْ نَائِبُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ إِلَّا بِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ مَا يُقَابِلُ الْعَمْدَ قَالَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ وَلَا أَنَّهَا مِنْ أَرْكَانِ الْقِرَاءَةِ وَلَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ بَلْ يَرَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ تُجْزِئُ بِدُونِهَا قَالَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ تَصِحُّ إِذَا قَرَأَ هُوَ الْبَسْمَلَةَ لِأَنَّ غَايَةَ حَالِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَكُونَ أَخْطَأَ وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إِذَا أَصَابَ تَنْبِيهٌ حَدِيثُ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَقد ذكرنَا لَهُ شَاهدا عِنْد بن حِبَّانَ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ يَأْتِي قَوْمٌ فَيُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَتَمُّوا كَانَ لَهُمْ وَلَكُمْ وَإِنْ نَقَصُوا كَانَ عَلَيْهِم وَلكم
(قَوْلُهُ بَابُ إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ)
أَيِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْفِتْنَةِ فَخَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْمُبْتَدِعُ أَيْ مَنِ اعْتَقَدَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ بن الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ أَنَّ الْحَسَنَ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ صَلِّ خَلْفَهُ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ
[695] قَوْلُهُ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ قِيلَ عَبَّرَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ شَيْخِهِ فِي الْمُذَاكَرَةِ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ حَدَّثَنَا وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَحَمَّلَهُ بِالْإِجَازَةِ أَوِ الْمُنَاوَلَةِ أَوِ الْعَرْضِ وَقِيلَ هُوَ مُتَّصِلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ مُنْقَطِعٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ لَكِنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ مَوْقُوفًا أَوْ كَانَ فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَالَّذِي هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ
الصفحة 188