كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ قَوْلُهُ عَنْ حُمَيْدِ بن عبد الرَّحْمَن أَي بن عَوْفٍ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَخَالَفَهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلزُّهْرِيِّ فِيهِ شَيْخَانِ قَوْلُهُ عَنْ عبيد الله بن عدي فِي رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ لِكَوْنِهِ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عُثْمَانُ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ أَيْ جَمَاعَةٍ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَأَنْتَ الْإِمَامُ أَيِ الْأَعْظَمُ قَوْلُهُ وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى أَيْ مِنَ الْحِصَارِ قَوْلُهُ وَيُصَلِّي لَنَا أَيْ يَؤُمُّنَا قَوْلُهُ إِمَامُ فِتْنَةٍ أَيْ رَئِيسُ فِتْنَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَقِيلَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلْوِيُّ أَحَدُ رُؤُوس المصريين الَّذين حصروا عُثْمَان قَالَه بن وضاح فِيمَا نَقله عَنهُ بن عبد الْبر وَغَيره وَقَالَهُ بن الْجَوْزِيِّ وَزَادَ إِنَّ كِنَانَةَ بْنَ بِشْرٍ أَحَدُ رؤوسهم صَلَّى بِالنَّاسِ أَيْضًا قُلْتُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَإِنَّ سَيْفَ بْنَ عُمَرَ رَوَى حَدِيثَ الْبَابِ فِي كِتَابِ الْفُتُوحِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ فَقَالَ فِيهِ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَكِنَانَةُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقُلْتُ كَيْفَ تَرَى الْحَدِيثَ وَقَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَ حُصِرَ عُثْمَانُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ لَكِنْ بِإِذْنِ عُثْمَانَ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شبة بِسَنَد صَحِيح وَرَوَاهُ بن الْمَدِينِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ صَلَّى بِهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِيمَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْخَطِّيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ مِنْ رِوَايَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ الْحَمَّانِيِّ قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عِيدِ الْأَضْحَى جَاءَ عَلِيٌّ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَقَالَ بن الْمُبَارَكِ فِيمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ الْحَلْوَانِيُّ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ غَيْرَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ صَلَّى بِهِمْ عِدَّةَ صَلَوَاتٍ وَصَلَّى بِهِمْ أَيْضًا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ وَقِيلَ صَلَّى بِهِمْ أَيْضًا أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مُرَادًا بِقَوْلِهِ إِمَامُ فِتْنَةٍ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ إِمَامُ فِتْنَةٍ أَيْ إِمَامُ وَقْتِ فِتْنَةٍ وَعَلَى هَذَا لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْخَارِجِيِّ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَذْكُرِ الَّذِي أَمَّهُمْ بِمَكْرُوهٍ بَلْ ذَكَرَ أَنَّ فِعْلَهُ أَحْسَنُ الْأَعْمَالِ انْتَهَى وَهَذَا مُغَايِرٌ لِمُرَادِ المُصَنّف من تَرْجَمته ولوكان كَمَا قَالَ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ وَنَتَحَرَّجُ مُنَاسِبًا قَوْله ونتحرج فِي رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ وَإِنَّا لَنَتَحَرَّجُ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَالتَّحَرُّجُ التَّأَثُّمُ أَيْ نَخَافُ الْوُقُوعَ فِي الْإِثْمِ وَأَصْلُ الْحَرَجِ الضِّيقُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ لِلْإِثْمِ لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَى صَاحِبِهِ قَوْلُهُ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ فِي رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَحْسَنُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْقِلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ أَحْسَنِ قَوْلُهُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُمْ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا يَضُرُّكَ كَوْنُهُ مَفْتُونًا بَلْ إِذَا أَحْسَنَ فَوَافِقْهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَاتْرُكْ مَا افْتَتَنَ بِهِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِسِيَاقِ الْبَابِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الدَّاوُدِيُّ حَتَّى احْتَاجَ إِلَى تَقْدِيرِ حَذْفٍ فِي قَوْله إِمَام فتْنَة وَخَالف بن الْمُنِيرِ فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ لَا تَصِحُّ فَحَادَ عَنِ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ هِيَ الصَّلَاةُ الصَّحِيحَةُ وَصَلَاةُ الْخَارِجِيِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهُ إِمَّا كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ انْتَهَى وَهَذَا قَالَهُ نُصْرَةً لِمَذْهَبِهِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَيْفًا رَوَى فِي الْفُتُوحِ عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَرِهَ النَّاسُ الصَّلَاةَ خَلْفَ الَّذِينَ حَصَرُوا عُثْمَانَ إِلَّا عُثْمَانَ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ دَعَا إِلَى الصَّلَاةِ فَأَجِيبُوهُ انْتَهَى فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَقْصُودَهُ بِقَوْلِهِ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْإِذْنِ

الصفحة 189