كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
تَأَخُّرًا فَقَالَ تَقَدَّمُوا وَائْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ قِيلَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِأَنَّ أَبَا نَضْرَةَ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ لِضَعْفٍ فِيهِ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ عِنْدَهُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ صَالِحًا لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَهُ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالضَّعِيفِ بَلْ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا بِخِلَافِ صِيغَةِ الْجَزْمِ فَإِنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الصَّحِيحِ وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ لِمَذْهَبِ الشَّعْبِيِّ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ مَعْنَى وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ أَيْ يَقْتَدِي بِكُمْ مَنْ خَلْفَكُمْ مُسْتَدِلِّينَ عَلَى أَفْعَالِي بِأَفْعَالِكُمْ قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ اعْتِمَادِ الْمَأْمُومِ فِي مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَرَاهُ وَلَا يَسْمَعُهُ عَلَى مُبَلِّغٍ عَنْهُ أَوْ صَفٍّ قُدَّامَهُ يَرَاهُ مُتَابِعًا لِلْإِمَامِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَعَلَّمُوا مِنِّي أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ وَلْيَتَعَلَّمْ مِنْكُمُ التَّابِعُونَ بَعْدَكُمْ وَكَذَلِكَ أَتْبَاعُهُمْ إِلَى انْقِرَاضِ الدُّنْيَا
[713] قَوْلُهُ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي كَذَا فِيهِ بِإِثْبَات الْيَاء وَقد تقدم تَوْجِيه بن مَالِكٍ لَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ قَوْلُهُ مَتَى يَقُومُ كَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِثْبَات الْوَاو وَوَجهه بن مَالِكٍ بِأَنَّهُ شَبَّهَ مَتَى بِإِذَا فَلَمْ تَجْزِمْ كَمَا شَبَّهَ إِذَا بِمَتَى فِي قَوْلِهِ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَحَذَفَ النُّونَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَتَى مَا يَقُمْ وَلَا إِشْكَالَ فِيهَا قَوْلُهُ تَخُطَّانِ الْأَرْضَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي بَابِ حَدِّ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ فِي السَّنَدِ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ بَين الْأَعْمَش وَالْأسود من رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي وَهُوَ وهم قَالَه الجياني
(قَوْلُهُ بَابُ هَلْ يَأْخُذُ الْإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ)
أَوْرَدَ فِيهِ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي السَّهْوِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِهِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَرَادَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ مَا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ شَاكًّا أَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يرجع إِلَى أحد انْتهى وَقَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَّ بِإِخْبَارِ ذِي الْيَدَيْنِ فَسَأَلَهُمْ إِرَادَةَ تَيَقُّنِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَمَّا صَدَّقُوا ذَا الْيَدَيْنِ عَلِمَ صِحَّةَ قَوْلِهِ قَالَ وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ البُخَارِيّ بتبويبه وَقَالَ بن بَطَّالٍ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ رُجُوعَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ فَذَكَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ لِيَرْتَفِعَ اللَّبْسُ وَلَوْ بَيَّنَهُ لَنُقِلَ وَمَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فَلْيَذْكُرْهُ قُلْتُ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ وَلَمْ
الصفحة 205