كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

صَلَاتُهُمَا أَيْ بِالْعَمَلِ الْوَاقِعِ مِنْهُمَا لِكَوْنِهِ خَفِيفًا وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ تَمَّتْ صَلَاتُهُ أَيِ الْمَأْمُومِ وَلَا يَضُرُّ وُقُوفُهُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ أَوَّلًا مَعَ كَوْنِهِ فِي غَيْرِ مَوْقِفِهِ وَلِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْإِمَامِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَحْدَهُ فِي مَقَامِ الصَّفِّ وَمُحَاوَلَتُهُ لِتَحْوِيلِ الْمَأْمُومِ فِيهِ الْتِفَاتٌ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ تَرْكًا لِإِقَامَةِ الصَّفِّ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ فَصَلَاتُهُ عَلَى هَذَا لَا نَقْصَ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا لكنه مُتَقَدم رُتْبَة فَلِكُل مِنْهُمَا قُرْبٌ مِنْ وَجْهٍ قُلْتُ لَكِنْ إِذَا عَادَ الضَّمِيرُ لِلْإِمَامِ أَفَادَ أَنَّهُ احْتَرَزَ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَصِيرَ كَالْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ

(قَوْلُهُ بَابُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفًّا)
أَيْ فِي حُكْمِ الصَّفِّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَيْثُ قَالَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ لَا يُسَمَّى صَفًّا وَأَقَلُّ مَا يَقُومُ الصَّفُّ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ إِنَّ هَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه بن عبد الْبر من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا الْمَرْأَة وَحْدَهَا صَفٌّ

[727] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْجُعْفِيُّ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَدْ رَوَى هَذَا الحَدِيث أَيْضا عَن سُفْيَان وَهُوَ بن عُيَيْنَةَ قَوْلُهُ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَوْلُهُ صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَكَذَا وَقَعَ فِي خَبَرِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْمَشْهُورِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَن بن عُيَيْنَة وَوَقع عِنْد بن فتحون فِيمَا رَوَاهُ عَن بن السَّكَنِ بِسَنَدِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ صَلَّيْتُ أَنَا وَسُلَيْمٌ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَلَامٍ مُصَغَّرًا فَتَصَحَّفَتْ عَلَى الرَّاوِي مِنْ لَفْظِ يَتِيمٍ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ بن فَتْحُونٍ فَقَالَ فِي ذَيْلِهِ عَلَى الِاسْتِيعَابِ سُلَيْمٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ إِنَّ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ اخْتَصَرَهُ سُفْيَانُ وَطَوَّلَهُ مَالِكٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي مَوْقِفِ الِاثْنَيْنِ أَنْ يَصُفَّا خَلْفَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ إنَّ أَحَدَهُمَا يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَن يسَاره وحجتهم فِي ذَلِك حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَقَامَ عَلْقَمَةَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْأَسْودَ عَنْ شِمَاله وَأجَاب عَنهُ بن سِيرِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِضِيقِ الْمَكَانِ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُهُ وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصُفُّ مَعَ الرِّجَالِ وَأَصْلُهُ مَا يُخْشَى مِنَ الِافْتِتَانِ بِهَا فَلَوْ خَالَفَتْ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ عَجِيبٌ وَفِي تَوْجِيهِهِ تَعَسُّفٌ حَيْثُ قَالَ قَائِلُهُمْ دَلِيلُهُ قَوْلُ بن مَسْعُودٍ أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَحَيْثُ ظَرْفُ مَكَانٍ وَلَا مَكَانَ يَجِبُ تَأَخُّرُهُنَّ فِيهِ إِلَّا مَكَانَ الصَّلَاةِ فَإِذَا حَاذَتِ الرَّجُلَ فَسَدَتْ صَلَاةُ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ تَأْخِيرِهَا وَحِكَايَةُ هَذَا تُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ جَوَابِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ وَأُمِرَ لَابِسُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فَلَوْ خَالَفَ فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَنْزِعْهُ أَثِمَ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَلِمَ لَا يُقَالُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي حَاذَتْهُ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِبَابِ الْمَسْجِدِ صُفَّةٌ مَمْلُوكَةٌ فَصَلَّى فِيهَا شَخْصٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا إِلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ بِخُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَأَثِمَ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَاذَتْهُ وَلَا سِيَّمَا إِن

الصفحة 212