كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
الشَّافِعِيُّ فَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ وَقَدْ قَالَ قُولُوا بِالسُّنَّةِ ودعوا قولي وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ قِيَاسُ نَظَرِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الرَّفْعُ فِيهِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالْحُجَّةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَأَوَّلُ رَاضٍ سِيرَةً مَنْ يَسِيرُهَا قَالَ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ لِكَوْنِهِ قَالَ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَا إِذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَمَّا إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَا وَالْأَمْرُ هُنَا مُحْتَمَلٌ وَاسْتَنْبَطَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهَا وَبِهَذَا نَقُولُ وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْتُ فِي الْأُمِّ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي بَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ بعد أَن أورد حَدِيث بن عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ إِلَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي أَوَاخِرِ الْبُوَيْطِيِّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فَيُحْمَلُ الْخَفْضُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاعْتِدَالِ وَإِلَّا فَحَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابُهُ فِي السُّجُودِ أَيْضًا وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَقد نَفَاهُ بن عُمَرَ وَأَغْرَبَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الرَّفْعُ فِي غَيْرِ الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ وَتُعُقِّبَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ عَن بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَنَافِعٍ وَعَطَاءٍ كَمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدَ قَوِيَّةٍ وَقَدْ قَالَ بِهِ من الشَّافِعِيَّة بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ والْبَيْهَقِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَحَكَاهُ بن خُوَيْزِ مَنْدَادُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ شَاذٌّ وَأَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الرَّفْعِ فِي السُّجُودِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَإِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ طَرَفَهُ الْأَخِيرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ سَعِيدٌ فَقَدْ تَابَعَهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ مَقَالٍ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَرْفُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ رَوَى الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ فِي مُشْكِلِهِ مِنْ طَرِيقِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِلَفْظِ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِهِ الْحُفَّاظِ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ عَيَّاشٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ هُوَ وَأَبُو نعيم من طرق أُخْرَى عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى كَذَلِكَ قَوْلُهُ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ إِلَخْ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادٍ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأسه من الرُّكُوع قَوْله وَرَوَاهُ بن طَهْمَانَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَهَذَا وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ بِهَذَا السَّنَدِ مَوْقُوفًا نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ وَلَا بن طَهْمَانَ الرَّفْعُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَعْقُودُ لِأَجْلِهِ الْبَابُ
الصفحة 223