كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

قَالَ فَلَعَلَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ دَخَلَ لَهُ بَابٌ فِي بَابٍ يَعْنِي أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَلِيقُ بِحَدِيثِ سَالِمٍ الَّذِي فِي الْبَابِ الْمَاضِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ رِوَايَةَ نَافِعٍ لِأَصْلِ الْحَدِيثِ مَوْقُوفَةٌ وَأَنَّهُ خَالف فِي ذَلِك سالما كَمَا نَقله بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى نَافِعٍ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ لَا خُصُوصِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ أَنَّ نَافِعًا كَانَ يَرْوِيهِ مَوْقُوفًا ثُمَّ يُعْقِبُهُ بِالرَّفْعِ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَوْقُوفِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ بعض الروَاة عَنهُ وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)
أَيْ فِي حَالِ الْقِيَامِ قَوْلُهُ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ هَذَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ لَهُمْ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي

[740] قَوْلُهُ عَلَى ذِرَاعِهِ أَبْهَمَ مَوْضِعَهُ مِنَ الذِّرَاعِ وَفِي حَدِيثِ وَائِلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى والرسغ والساعد وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِدُونِ الزِّيَادَةِ وَالرُّسْغُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ هُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ السَّاعِدِ وَالْكَفِّ وَسَيَأْتِي أَثَرُ عَلِيٍّ نَحْوُهُ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا مَحَلَّهُمَا مِنَ الْجَسَدِ وَقَدْ روى بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّهُ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ وَالْبَزَّارُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ هُلْبٍ الطَّائِيِّ نَحْوُهُ وَهُلْبٌ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَفِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَضَعَهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاعْتَرَضَ الدَّانِيُّ فِي أَطْرَافِ الْمُوَطَّأِ فَقَالَ هَذَا مَعْلُولٌ لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْ أَبِي حَازِمٍ وَرُدَّ بِأَنَّ أَبَا حَازِمٍ لَوْ لَمْ يَقُلْ لَا أَعْلَمُهُ إِلَخْ لَكَانَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نُؤْمَرُ بِكَذَا يُصْرَفُ بِظَاهِرِهِ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ فِي مَقَامِ تَعْرِيفِ الشَّرْعِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَنْ صَدَرَ عَنْهُ الشَّرْعُ وَمِثْلُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأطلق الْبَيْهَقِيّ أَنه لَا خِلَافٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَرَدَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وصحيح بن السَّكَنِ شَيْءٌ يُسْتَأْنَسُ بِهِ عَلَى تَعْيِينِ الْآمِرِ والمأمور فروى عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَدِيَ الْيُسْرَى عَلَى يَدِي الْيُمْنَى فَنَزَعَهَا وَوَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى إِسْنَادُهُ حَسَنٌ قِيلَ لَوْ كَانَ مَرْفُوعًا مَا احْتَاجَ أَبُو حَازِمٍ إِلَى قَوْلِهِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَخْ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى التَّصْرِيحِ فَالْأَوَّلُ لَا يُقَالُ لَهُ مَرْفُوعٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحِكْمَةُ فِي هَذِهِ الْهَيْئَةِ أَنَّهُ صِفَةُ السَّائِلِ الذَّلِيلِ وَهُوَ أَمْنَعُ مِنَ الْعَبَثِ وَأَقْرَبُ إِلَى الْخُشُوعِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَحِظَ ذَلِكَ فَعَقَّبَهُ بِبَابِ الْخُشُوعِ وَمِنَ اللَّطَائِفِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ الْقَلْبُ مَوْضِعُ النِّيَّةِ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنِ احْتَرَزَ عَلَى حِفْظِ شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَلم يحك بن الْمُنْذر وَغَيره عَن مَالك غَيره وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالَ وَصَارَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَعَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَمِنْهُمْ من كره الْإِمْسَاك وَنقل بن الْحَاجِبِ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْسِكُ مُعْتَمِدًا لِقَصْدِ الرَّاحَة

الصفحة 224