كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
(
قَوْله بَاب مَا يَقُول بعد التَّكْبِير ف)
ي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بَابُ مَا يَقْرَأُ بَدَلَ مَا يَقُولُ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَاسْتَشْكَلَ إِيرَادَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذْ لَا ذِكْرَ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ضَمَّنَ قَوْلَهُ مَا يَقْرَأُ مَا يَقُولُ مِنَ الدُّعَاءِ قَوْلًا مُتَّصِلًا بِالْقِرَاءَةِ أَوْ لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ وَالْقِرَاءَةُ يُقْصَدُ بِهِمَا التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اسْتَغْنَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ كَمَا جَاءَ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاء بَارِدًا وَقَالَ بن رَشِيدٍ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ يَتَضَمَّنُ مُنَاجَاةَ الرَّبِّ وَالْإِقْبَالَ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ تَتَضَمَّنُ هَذَا الْمَعْنَى فَظَهَرَتِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ
[743] قَوْلُهُ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ أَيِ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَالْجَوْزَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ وَهُوَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظٍ كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ وَذَكَرَ أَنَّهَا أَبْيَنُ مِنْ رِوَايَة حَفْص بن عمر قَوْله بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْفَاتِحَةِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تُسَمَّى الْحَمْدَ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ وَمُسْتَنَدُهُ ثُبُوتُ تَسْمِيَتِهَا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَهِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ نَفَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْحَمْدِ أَنَّهُمْ لَمْ يقرؤا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سِرًّا وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ السُّكُوتَ عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ شُعْبَةَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَنْهُ بِلَفْظِ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَأخرجه بن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِاللَّفْظَيْنِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ شُعْبَةَ وَلَا يُقَالُ هَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ شُعْبَةَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ بِاللَّفْظَيْنِ فَأخْرجهُ البُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ وَهَؤُلَاءِ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وَالسَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجَهُ
الصفحة 227