كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَانُوا يَلْتَفِتُونَ فِي صَلَاتِهِمْ حَتَّى نَزَلَتْ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هم فِي صلَاتهم خاشعون فَأَقْبَلُوا عَلَى صَلَاتِهِمْ وَنَظَرُوا أَمَامَهُمْ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَوَصَلَهُ الْحَاكِمُ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ قَوْلُهُ لَيُنْتَهَيَنَّ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَاءِ وَالْيَاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالنُّونُ لِلتَّأْكِيدِ وَلِلْبَاقِينَ لَيَنْتَهُنَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْهَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ قَوْلُهُ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة أَولا لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ يَعْنِي أَبْصَارَهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقِيلَ هُوَ وَعِيدٌ وَعَلَى هَذَا فالفعل الْمَذْكُور حرَام وأفرط بن حَزْمٍ فَقَالَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يخْشَى على الْأَبْصَار من الْأَنْوَار إِلَى تَنْزِلُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ عَلَى الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي حَدِيثِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ الْآتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الدَّاوُدِيُّ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعِ حَمَّادِ بْنِ سَلمَة عَن أبي مجلز أحد التَّابِعين وأو هُنَا لِلتَّخْيِيرِ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يسلمُونَ أَيْ يَكُونُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا الْمُقَاتَلَةُ وَإِمَّا الْإِسْلَام وَهُوَ خبر فِي معنى الْأَمر صلى فِي خميصة لَهَا أَعْلَام فَقَالَ شغلتني أَعْلَام هَذِه اذْهَبُوا بهَا إِلَى أبي جهم وأتوني بأنبجانية

(قَوْلُهُ بَابُ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ)
لَمْ يُبَيِّنِ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهُ لَكِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدَهُ دَلَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّنْزِيهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّيُّ يَحْرُمُ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَوَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الِالْتِفَاتِ صَرِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُ انْصَرَفَ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيَّ وَالْمُرَادُ بِالِالْتِفَاتِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَسْتَدْبِرِ الْقِبْلَةَ بِصَدْرِهِ أَوْ عُنُقِهِ كُلِّهِ وَسَبَبُ كَرَاهَةِ الِالْتِفَاتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِنَقْصِ الْخُشُوعِ أَوْ لِتَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيُّ وَوَافَقَ أَبَا الْأَحْوَصِ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ شَيْبَانُ عِنْد بن خُزَيْمَة وزائدة عِنْد النَّسَائِيّ ومسعر عِنْد بن حِبَّانَ وَخَالَفَهُمْ إِسْرَائِيلُ فَرَوَاهُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مِسْعَرٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ فَهَذَا اخْتِلَافٌ عَلَى أَشْعَثَ وَالرَّاجِحُ رِوَايَةُ أَبِي الْأَحْوَصِ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَسْرُوقٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَشْعَثِ فِيهِ شَيْخَانِ أَبُوهُ وَأَبُو عَطِيَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَكُونَ أَبُو عَطِيَّةَ حَمَلَهُ عَنْ مَسْرُوقٍ ثُمَّ لَقِيَ عَائِشَةَ فَحَمَلَهُ عَنْهَا

الصفحة 234