كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْله بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ مِنْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا كَذَا وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَالصَّوَابُ تَأْخِيرُهُ عَنِ الْإِسْنَادِ الْمَوْصُولِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ عِيَاضٍ وَهُوَ أَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ وَأَبَا أُسَامَة رويا الحَدِيث عَن هِشَام وَهُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَزَادَ أَبُو أُسَامَةَ التَّقْيِيدَ بِقَعْرِ الْحُجْرَةِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ مِنَ الرِّوَايَةِ الْمُطْلَقَةِ وَقَدْ وَصَلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ طَرِيقَ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ لَكِنْ بِلَفْظِ وَالشَّمْسُ وَاقِعَةٌ فِي حُجْرَتِي وَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي

[544] قَوْلِهِ حُجْرَتِهَا لعَائِشَة وَفِيه نوع التفاف وَإِسْنَادُ أَبِي ضَمْرَةَ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَالْمُرَادُ بِالْحُجْرَةِ وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْبَيْتُ وَالْمُرَادُ بِالشَّمْسِ ضَوْؤُهَا وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا أَيْ بَاقِيَةٌ وَقَوْلُهُ لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ أَيْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتِ الشَّمْسُ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمَوَاقِيتِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ أَيْ تَرْتَفِعَ فَهَذَا الظُّهُورُ غَيْرُ ذَلِكَ الظُّهُورِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِ الشَّمْسِ خُرُوجُهَا مِنَ الْحُجْرَةِ وَبِظُهُورِ الْفَيْءِ انْبِسَاطُهُ فِي الْحُجْرَةِ وَلَيْسَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّ انْبِسَاطَ الْفَيْءِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ خُرُوج الشَّمْس

[546] قَوْله بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَن بن عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ سُفْيَانَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنَ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ أَيْ ظَاهِرَةٌ قَوْلُهُ بَعْدُ بِالضَّمِّ بِلَا تَنْوِينٍ قَوْلُهُ وَقَالَ مَالِكٌ إِلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورِينَ رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَجَعَلُوا الظُّهُور للشمس وبن عُيَيْنَة جعله للفئ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَوْجِيهَ ذَلِكَ وَطَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ طَرِيقَ مَالِكٍ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَّلِ الْمَوَاقِيتِ وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَأَمَّا طَرِيقُ شُعَيْب وَهُوَ بن أَبِي حَمْزَةَ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ وَأما طَرِيق بن أَبِي حَفْصَةَ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْسَرَةَ فَرَوَيْنَاهَا من طَرِيق بن عَدِيٍّ فِي نُسْخَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنِ بن أَبِي حَفْصَةَ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهَا عُرْوَةُ وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي تَأْخِيرِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَشَذَّ الطَّحَاوِيّ فَقَالَ

الصفحة 25