كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا تَنْقَطِعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ من وَافق زَاد يُونُس عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ قَبْلَ قَوْلِهِ فَمَنْ وَافَقَ وَكَذَا لِابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ بن شِهَابٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَافَقَةُ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمُرَادُ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ كَابْنِ حِبَّانَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يُرِيدُ مُوَافَقَةَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْإِخْلَاصِ بِغَيْرِ إِعْجَابٍ وَكَذَا جَنَحَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ أَوْ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ أَوْ فِي الدُّعَاءِ بِالطَّاعَةِ خَاصَّةً أَوِ المُرَاد بتأمين الْمَلَائِكَة استغفارهم للْمُؤْمِنين وَقَالَ بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي إِيثَارِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقَظَةٍ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَظِيفَةِ فِي مَحَلِّهَا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا غَفْلَةَ عِنْدَهُمْ فَمَنْ وَافَقَهُمْ كَانَ مُتَيَقِّظًا ثُمَّ إِنَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بَزِيزَةَ وَقِيلَ الْحَفَظَةُ مِنْهُمْ وَقِيلَ الَّذِينَ يَتَعَاقَبُونَ مِنْهُمْ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ يَشْهَدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ بَعْدَ بَابٍ وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِيَةِ أَيْضًا فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهَا لِسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى قَوْلُهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ فِيمَنْ تَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي أَمَالِي الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ عَنْ بَحْرِ بْنِ نصر عَن بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ بِدُونِهَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة وبن خُزَيْمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى كِلَاهُمَا عَن بن وَهْبٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ من بن مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَأَبِي بَكْرِ بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ حفاظ أَصْحَاب بن عُيَيْنَة الْحميدِي وبن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْوَلِيدِ ابْنَيْ سَاجٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مُتَّصِلٌ إِلَيْهِ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ ثُمَّ هُوَ من مَرَاسِيل بن شِهَابٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ اعْتِضَادِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ وَالْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ التَّأْمِينَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظِ قُرْآنٍ وَلَا ذِكْرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ مَا نُقِلَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّ مَعْنَى آمِينَ أَيْ قَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ مَنْ قَالَهُ هَكَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ يُوَافِقُ

الصفحة 265