كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَلِهَذَا شُرِعَتْ لِلْمَأْمُومِ مُوَافَقَتُهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إِنَّمَا يُؤَمِّنُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ لَا إِذَا تَرَكَ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ الْخِلَافَ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى خِلَافِهِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا جَهَرَ بِهِ إِمَامُهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ التَّأْمِينَ مُخْتَصٌّ بِالْفَاتِحَةِ فَظَاهِرُ السِّيَاق يقتضى أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة كَانَت أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَهَا لَا أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا أصلا
(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ التَّأْمِينِ)
أَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَةَ الْأَعْرَجِ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِحَالِ الصَّلَاةِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَأَيُّ فَضْلٍ أَعْظَمَ مِنْ كَوْنِهِ قَوْلًا يَسِيرًا لَا كُلْفَةَ فِيهِ ثُمَّ قَدْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَة أه وَيُؤْخَذ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّة التَّأْمِين لكل من قَرَأَ الْفَاتِحَة سَوَاء كَانَ دَاخل الصَّلَاة أَو خَارِجهَا لقَوْله إِذا قَالَ أحدكُم لَكِن فِي رِوَايَة مُسلم من هَذَا الْوَجْه إِذا قَالَ أحدكُم فِي صلَاته فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد نعم فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمد وسَاق مُسلم إسنادها إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا فَهَذَا يُمكن حمله على الْإِطْلَاق فَيُسْتَحَب التَّأْمِين إِذا أَمن الْقَارئ مُطلقًا لكل من سَمعه من مصل أَو غَيره وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد بالقارئ الإِمَام إِذا قَرَأَ الْفَاتِحَة فَإِن الحَدِيث وَاحِد اخْتلفت أَلْفَاظه وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الْمُعْتَزلَة على أَن الْمَلَائِكَة أفضل من الْآدَمِيّين وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِك فِي بَاب الْمَلَائِكَة من بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ بَابُ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ جَهْرِ الْإِمَامِ بِآمِينَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ
[782] قَوْلُهُ مَوْلَى أبي بكر أَي بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ قَوْلُهُ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ إِلَخْ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ قَبْلُ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ من جِهَة
الصفحة 266