كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

جَاءَ رَجُلٌ كَالْبَدْوِيِّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَفْسِيرَهُ بِخَلَّادٍ لِأَنَّ رِفَاعَةَ شَبَّهَهُ بِالْبَدْوِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَفَّ الصَّلَاةَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَصَلَّى زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فِي صَلَاتِهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا نَدْرِي مَا يعيب مِنْهَا وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ يَرْمُقُهُ وَنَحْنُ لَا نَشْعُرُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَا نَشْعُرُ بِمَا يَعِيبُ مِنْهَا قَوْلُهُ ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَمَجِيئِهِ تَرَاخٍ قَوْلُهُ فَرَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسلم وَكَذَا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَفِي هَذَا تعقب على بن الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَلِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ تَأْدِيبًا عَلَى جَهْلِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّأْدِيبُ بِالْهَجْرِ وَتَرْكِ السَّلَامِ اه وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ ثُبُوتُ الرَّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الَّذِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ بن الْمُنِيرِ اعْتَمَدَ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا صَاحب الْعُمْدَة قَوْله ارْجع فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ فَقَالَ أَعِدْ صَلَاتَكَ قَوْلُهُ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ قَالَ عِيَاضٌ فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى هَذِه الْكَيْفِيَّة أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن الْمُنِيرِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ مَزِيدُ بَحْثٍ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ وَتَتَرَجَّحُ الْأُولَى لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ عَادَتَهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ غَالِبًا قَوْلُهُ فَعَلِّمْنِي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ فَقَالَ أَجَلْ قَوْلُهُ إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُكَبِّرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُمَجِّدُهُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بَدَلَ وَيُمَجِّدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ وَلِأَحْمَدَ وبن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ تَرْجَمَ لَهُ بن حِبَّانَ بِبَابِ فَرْضِ الْمُصَلِّي قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَوْلُهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ هَذِهِ الْقَرِيبَةِ فَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَامْدُدْ ظَهْركَ وَتَمَكَّنْ لِرُكُوعِكَ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِي قَوْله حَتَّى تعتدل قَائِما فِي رِوَايَة بن نمير عِنْد بن ماجة حَتَّى تطمئِن قَائِما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ

الصفحة 278