كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
بِعَيْنِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَهُوَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فَثَبَتَ ذِكْرُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمثله فِي حَدِيث رِفَاعَة عِنْد أَحْمد وبن حِبَّانَ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْقَلْبِ مِنْ إِيجَابِهَا أَيِ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ قَوْلُهُ ثُمَّ اسْجُدْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مفصاله وَتَسْتَرْخِيَ قَوْلُهُ ثُمَّ ارْفَعْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدَتَهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ قَوْلُهُ ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَة وَسجْدَة تَنْبِيه وَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ ذِكْرِ السُّجُودِ الثَّانِي ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهْمٌ فَإِنَّهُ عَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَلَى الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةُ قَرِيبًا وَكَلَامُ الْبُخَارِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا أُسَامَة خَالف بن نُمَيْرٍ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَة كَمَا قَالَ بن نُمَيْرٍ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَالَ كَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَالصَّحِيحُ رِوَايَة عبيد الله بن سعيد أَبِي قُدَامَةَ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى كَذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَاشْتُهِرَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَارَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ قَالَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَارُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِئُ أَدْنَى مِنْهُ قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا إِذَا اسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَكَرَّرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ أَمَّا الْوُجُوبُ فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ وَأَمَّا عَدَمُهُ فَلَيْسَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ تَعْلِيمٍ وَبَيَانٍ لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا ذُكِرَ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصِرِ الْمَقْصُودَ عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ قَالَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهِ وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِهِ وَبِالْعَكْسِ لَكِنْ يَحْتَاجُ أَوَّلًا إِلَى جَمْعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِحْصَاءِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِدِ ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ أَوْ عَدَمَهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُدِّمَتْ قُلْتُ قَدِ امْتَثَلْتُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْتُ طُرُقَهُ الْقَوِيَّةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَة
الصفحة 279