كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
اللَّهُ لَكُمْ فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَدُلُّ مَا ذَكَرْتُمْ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا وَمُجِيبًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ دَاعِيًا وَالْمَأْمُومِ مُؤَمِّنًا أَنْ لَا يَكُونَ الْإِمَامُ مُؤَمِّنًا وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْمَعُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَشْهَدُ لَهُ وَزَادَ الشَّافِعِي أَن الْمَأْمُوم يجمع بَينهمَا أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلم يثبت عَن بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الشَّافِعِيَّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ فِي الْإِشْرَافِ عَنْ عَطَاءٍ وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا الْقَوْلُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْمُنْفَرد فَحكى الطَّحَاوِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنهمَا وَجَعَلَهُ الطَّحَاوِيُّ حُجَّةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّحَادِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إِلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي الْمُنْفَرِدِ
[796] قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ مَا يَقُولُ الْمَأْمُومُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَاقِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ التَّأْمِينِ
(قَوْلُهُ بَابٌ)
كَذَا لِلْجَمِيعِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ إِلَّا للاصيلى فَحَذفهُ وَعَلِيهِ شرح بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالرَّاجِحُ إِثْبَاتُهُ كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ حَذْفُ بَابٍ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ إِلَّا بِتَكَلُّفٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا بَابُ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ اسْتَطْرَدَ إِلَى ذِكْرِ فَضْلِ هَذَا الْقَوْلِ بِخُصُوصِهِ ثُمَّ فَصَلَ بِلَفْظِ بَابٍ لِتَكْمِيلِ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى فَأَوْرَدَ بَقِيَّةَ مَا ثَبَتَ عَلَى شَرْطِهِ مِمَّا يُقَالُ فِي الِاعْتِدَالِ كَالْقُنُوتِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ وَجَّهَ الزين بن الْمُنِيرِ دُخُولَ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ تَحْتَ تَرْجَمَةِ فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَقَالَ وَجْهُ دُخُولِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْقُنُوتَ لَمَّا كَانَ مَشْرُوعا فِي الصَّلَاة كَانَت هِيَ مِفْتَاحُهُ وَمُقَدِّمَتُهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ سَبَبُ تَخْصِيصِ الْقُنُوتِ بِمَا بَعْدَ ذِكْرِهَا انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَقَدْ تُعُقِّبَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ
الصفحة 284