كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
أَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ قَوْلُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ اخْتِصَارٌ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحَدِيثِ أَنَسٍ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا أَوْرَدَهُ اسْتِطْرَادًا لِأَجْلِ ذِكْرِ الْمَغْرِبِ قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ رِفَاعَةَ فَظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِابْتِدَارَ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا كَانَ لِزِيَادَةِ قَوْلِ الرَّجُلِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ صِفَةً فِي التَّحْمِيدِ جَارِيَةً مَجْرَى التَّأْكِيدِ لَهُ تَعَيَّنَ جَعْلُ الْأَصْلِ سَبَبًا أَوْ سَبَبًا لِلسَّبَبِ فَثَبَتَتْ بِذَلِكَ الْفَضِيلَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَرْجَمَ بَعْضُهُمْ لَهُ بِبَابِ الْقُنُوتِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَتِنَا
[797] قَوْله حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَوْلُهُ لَأُقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ لَأُقَرِّبَنَّ لَكُمْ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى آخِرِهِ قِيلَ الْمَرْفُوعُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وُجُودُ الْقُنُوتِ لَا وُقُوعُهُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُوَضِّحُهُ مَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ النِّسَاءِ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى مِنْ تَخْصِيصِ الْمَرْفُوعِ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ شَهْرًا وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ لَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قنت فِي غير الْعشَاء وَظَاهر سِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ جَمِيعَهُ مَرْفُوعٌ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعَقُّبِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْقُنُوتَ فِي النَّازِلَةِ لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ وَاسْتَشْكَلَ التَّقْيِيدَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهُ كَانَ فِي قِصَّةِ الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ مَأْسُورًا بِمَكَّةَ وَبِالْكَافِرِينَ قُرَيْشٌ وَأَنَّ مُدَّتَهُ كَانَتْ طَوِيلَةً فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِشَهْرٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَعَلَّقُ بِصِفَةٍ مِنَ الدُّعَاءِ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ قَوْلُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِي مُدَّةِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَحْوَالِ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ وَقَدِ اخْتَصَرَ يَحْيَى سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَطَوَّلَهُ الزُّهْرِيُّ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَتَمَّ مِمَّا سَاقَهُ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ إِسْمَاعِيلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَوْلُهُ كَانَ الْقُنُوتُ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَاحْتُجَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِزَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَاكِمِ وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّقْلِ عَنْ أَنَسٍ فِي الْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَفِي أَيِّ الصَّلَوَاتِ شُرِعَ وَهَلِ اسْتَمَرَّ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ حَيْثُ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ ذَلِكَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ الْمُجْمِرِ بِالْخَفْضِ وَهُوَ صِفَةٌ لِنُعَيْمٍ وَلِأَبِيهِ
[799] قَوْلُهُ عَن على بن يحيى فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى حَدَّثَهُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ لِأَنَّ نُعَيْمًا أَكْبَرُ سِنًّا مِنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى وَأَقْدَمُ سَمَاعًا وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَالِكٍ وَالصَّحَابِيِّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ شَرَفِ الصُّحْبَةِ فَيَحْيَى بْنُ خَلَّادٍ وَالِدُ عَلِيٍّ مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّكَهُ لَمَّا وُلِدَ قَوْلُهُ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ التَّسْمِيعِ وَقَعَ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ فَيَكُونُ مِنْ أَذْكَارِ الِاعْتِدَالِ وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الِانْتِقَالَ
الصفحة 285