كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْلُهُ بَابُ الِاطْمَأْنِينَةِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ الطُّمَأْنِينَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ يَأْتِي مَوْصُولًا مُطَوَّلًا فِي بَابِ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَقَوْلُهُ رَفَعَ أَيْ مِنَ الرُّكُوعِ فَاسْتَوَى أَيْ قَائِمًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ هُنَاكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تُرْجِمَ لَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ جَالِسًا بَعْدَ قَوْلِهِ فَاسْتَوَى فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ السُّكُونِ بِالْجُلُوسِ وَفِيهِ بُعْدٌ أَوْ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إِلْحَاقَ الِاعْتِدَالِ بِالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجَامِعِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرَ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ فَيُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ

[800] قَوْلُهُ يَنْعَتُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَصِفُ وَهَذَا الْحَدِيثُ سَاقَهُ شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مُطَوَّلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَالَ فِي أَوَّلِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا فَصَرَّحَ بِوَصْفِ أَنَسٍ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ لَا آلُو بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ بَعْدَ حَرْفِ النَّفْيِ وَلَامٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَهَا وَاوٌ خَفِيفَةٌ أَيْ لَا أُقَصِّرُ وَزَادَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضًا قَالَ ثَابِتٌ فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُخِلُّونَ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَنَسٍ وَإِنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ فِي أَبْوَابِ الْمَوَاقِيتِ وَقَوْلُهُ حَتَّى نَقُولَ بِالنَّصْبِ وَقَوْلُهُ قَدْ نَسِيَ أَيْ نَسِيَ وُجُوبَ الْهُوِيِّ إِلَى السُّجُودِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ وَقْتَ الْقُنُوتِ حَيْثُ كَانَ مُعْتَدِلًا أَوْ وَقْتَ التَّشَهُّدِ حَيْثُ كَانَ جَالِسًا وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ قُلْنَا قَدْ نَسِيَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ أَيْ لِأَجْلِ طُولِ قِيَامِهِ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ وَقَوْلُهُ

[801] قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ فِيهَا تَفَاوُتًا لَكِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِمَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَوْلُهُ وَإِذَا رَفَعَ أَيْ وَرَفْعُهُ إِذَا رَفَعَ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَيْ وَجُلُوسُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْمُرَادُ أَنَّ زَمَانَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَجُلُوسِهِ مُتَقَارِبٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي مَرَّ فِي بَابِ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ وَهُوَ قَوْلُهُ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَوَجَدْتُ قِيَامه فركعته فاعتداله الحَدِيث وَحكى بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ نَسَبَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِلَى الْوَهْمِ ثُمَّ اسْتَبْعَدَهُ لِأَنَّ تَوْهِيمَ الرَّاوِي الثِّقَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فَلْيَنْظُرْ ذَلِكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَيُحَقِّقِ الِاتِّحَادَ أَوِ الِاخْتِلَافَ مِنْ مَخَارِجِ الْحَدِيثِ اه وَقَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ فَوَجَدْتُ مَدَارَهُ على بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ لَكِنِ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا زِيَادَةُ ذِكْرِ الْقِيَامِ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَكَمُ عَنْهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ فِي سِوَى ذَلِكَ إِلَّا مَا زَادَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ مِنْ

الصفحة 288