كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
(قَوْلُهُ بَابُ لَا يَكُفُّ شَعْرًا)
أَيِ الْمُصَلِّي ويكف ضَبَطْنَاهُ فِي رِوَايَتِنَا بِضَمِّ الْفَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِأَحْكَامِ السُّجُودِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُكَفَّ أَوْ يُلَفَّ وَجَاءَ فِي حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ غُرْزَةَ الشَّعْرِ يَقْعُدُ فِيهَا الشَّيْطَانُ حَالَةَ الصَّلَاةِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ رَأَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يُصَلِّي قَدْ غَرَزَ ضَفِيرَتَهُ فِي قَفَاهُ فَحَلَّهَا وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى قَبْلَ ثَلَاثَة أَبْوَاب قَوْلُهُ بَابُ لَا يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِي الصَّلَاةِ أورد فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ بَابُ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي بَابِ الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ
[817] قَوْلُهُ يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ قَوْلُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ كَذَا فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَقَدْ بَيَّنَ الْأَعْمَشُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ ابْتِدَاءُ هَذَا الْفِعْلِ وَأَنَّهُ وَاظَبَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح إِلَّا يَقُولُ فِيهَا الْحَدِيثَ قِيلَ اخْتَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ لِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ حَالَهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا انْتَهَى وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ ذَلِكَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا بَلْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ بَيَانُ الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ قَوْلُهُ يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ أَيْ يَفْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْآنِ بَعْضُهُ وَهُوَ السُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالذِّكْرُ الْمَذْكُور وَوَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى فسبح بِحَمْد رَبك الْآيَةَ وَفِي هَذَا تَعْيِينُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى فسبح بِحَمْد رَبك لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِسَبِّحْ نَفْسَ الْحَمْدِ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْحَمْدُ مِنْ مَعْنَى التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ التَّنْزِيهُ لِاقْتِضَاءِ الْحَمْدِ نِسْبَةَ الْأَفْعَالِ الْمَحْمُودِ عَلَيْهَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَعَلَى هَذَا يَكْفِي فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَمد
الصفحة 299