كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

مِنْ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ صَلَاةٍ وَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَيْضًا تَرْجِيحُ تَوْجِيهِ رِوَايَةِ النَّصْبِ الْمُصَدَّرِ بِهَا لَكِنَّ الْمَحْفُوظَ مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلٍ بِلَفْظِ مِنَ الصَّلَوَاتِ صَلَاةً مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَا لَهُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَزَادَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ يَعْنِي بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ الْعَصْر وَرَوَاهُ بن أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَصَرَّحَ بِكَوْنِهَا الْعَصْرَ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ كَوْنَهَا الْعَصْرَ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيه أَن التَّفْسِير من قَول بن عُمَرَ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْعَصْرِ بِذَلِكَ وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَفْوِيتِهَا إِخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَأَنَّهُ أخرج هَذَا الحَدِيث عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ قُلْتُ لِنَافِعٍ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ قَالَ نَعَمْ وَتَفْسِيرُ الرَّاوِي إِذَا كَانَ فَقِيهًا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفَوَاتُهَا أَنْ تَدْخُلَ الشَّمْسَ صُفْرَةٌ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي خُرُوج وَقت الْعَصْر وَنقل عَن بن وَهْبٍ أَنَّ الْمُرَادَ إِخْرَاجُهَا عَنِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الشُّرَّاحِ إِنَّمَا أَرَادَ فَوَاتَهَا فِي الْجَمَاعَةِ لَا فَوَاتَهَا بِاصْفِرَارِ الشَّمْسِ أَوْ بِمَغِيبِهَا قَالَ وَلَوْ كَانَ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا كُلِّهِ لَبَطَلَ اخْتِصَاصُ الْعَصْرِ لِأَنَّ ذَهَابَ الْوَقْتِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَنُوقِضَ بِعَيْنِ مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ لَكِنْ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ أَنَّ الْعَصْرَ اخْتَصَّتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْمُتَعَاقِبِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيهَا وتعقبة بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْفَجْرَ أَيْضًا فِيهَا اجْتِمَاعُ الْمُتَعَاقِبِينَ فَلَا يَخْتَصُّ الْعَصْرُ بِذَلِكَ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْتَصُّ مَا شَاءَ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِمَا شَاءَ مِنَ الْفَضِيلَةِ انْتَهَى وَبَوَّبَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مَا جَاءَ فِي السَّهْوِ عَنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَحَمَلَهُ عَلَى السَّاهِي وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنَ الْأَسَفِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الثَّوَابِ لِمَنْ صَلَّى مَا يَلْحَقُ مَنْ ذَهَبَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَقَدْ رُوِيَ بِمَعْنَى ذَلِكَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ أَسَفَ الْعَامِدِ أَشَدُّ لِاجْتِمَاعِ فَقْدِ الثَّوَابِ وَحُصُولِ الْإِثْم قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى تَحْقِيرِ الدُّنْيَا وَأَنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ خَيْرٌ مِنْ كثير مِنْهَا وَقَالَ بن بَطَّالٍ لَا يُوجَدُ حَدِيثٌ يَقُومُ مَقَامَ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَقَالَ وَلَا يُوجَدُ حَدِيثٌ فِيهِ تَكْيِيفُ الْمُحَافَظَةِ غير هَذَا الحَدِيث

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ)
أَيْ مَا يكون حِكْمَة قَالَ بن رَشِيدٍ أَجَادَ الْبُخَارِيُّ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى صَدْرِ الْحَدِيثِ فَأَبْقَى فِيهِ مَحَلًّا لِلتَّأْوِيلِ وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ حَدِيثَ الْبَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّرْكَ أَصْرَحُ بِإِرَادَةِ التَّعَمُّدِ مِنَ الْفَوَاتِ

[553] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سقط عِنْد الْأصيلِيّ بن إِبْرَاهِيمَ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَقَعَ عِنْدَ غَيْرِ أبي ذَر أَنبأَنَا هِشَام وَهُوَ بن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ

الصفحة 31