كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
يَدْعُ نَبِيٌّ وَلَا صَالِحٌ بِشَيْءٍ إِلَّا دَخَلَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ وَهَذَا مِنَ الْمَأْثُورِ غَيْرِ مَرْفُوعٍ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ بِالْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ ثمَّ ليدعو لِنَفْسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا من الطَّرِيق الَّتِي أخرجهَا مُسلم
(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا حَاصله ذكر البُخَارِيّ الْمُسْتَدلّ وَدَلِيله ووكل الْأَمْرَ فِيهِ لِنَظَرِ الْمُجْتَهِدِ هَلْ يُوَافِقُ الْحُمَيْدِيَّ أَوْ يُخَالِفُهُ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِمَا يَتَطَرَّقُ إِلَى الدَّلِيلِ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الطِّينِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ مَسْحِ الْجَبْهَةِ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسَحَهَا وَبَقِيَ الْأَثَرُ بَعْدَ الْمَسْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْمَسْحَ نَاسِيًا أَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا لِتَصْدِيقِ رُؤْيَاهُ أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَشْعُرْ بِبَقَاءِ أَثَرِ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَسْحِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَسْحَ عَمَلٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَإِذَا تَطَرَّقَتْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ لَمْ يَنْهَضْ الِاسْتِدْلَالُ لَا سِيَّمَا وَهُوَ فِعْلٌ مِنَ الْجِبِلِّيَّاتِ لَا مِنَ الْقُرَبِ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَالْحُمَيْدِيُّ هُوَ شَيْخُهُ الْمَشْهُورُ أَحَدُ تَلَامِذَةِ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ يَحْتَجُّ بِهَذَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَنَّهُ إِنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى الْمَنْعِ جُمْلَةً لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الِاعْتِرَاضِ وَأَنَّ التَّرْكَ أَوْلَى
[836] قَوْله حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَثَرٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ لِلسُّجُودِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَوْلُهُ بَابُ التَّسْلِيمِ أَيْ مِنَ الصَّلَاةِ)
قِيلَ لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ الْوُجُوبُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ كَانَ إِذَا سَلَّمَ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِتَحَقُّقِ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَحَدِيثِ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَمَّا حَدِيثُ إِذا
الصفحة 322