كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
مَعْبَدٍ التَّحْدِيثَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْإِخْبَارِ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ مِنْ عَمْرٍو وَلَا مُخَالَفَةَ وَتَرُدُّهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا فَأَنْكَرَهُ وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِنْكَارٌ وَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي كُتُبِ الْأُصُولِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ
[843] قَوْلُهُ عَنْ عُبَيْدِ الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَسُمَيٌّ هُوَ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُمَا مَدَنِيَّانِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَلَمْ أَقِفْ لِسُمَيٍّ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْكَبِيرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَهُمَا مَدَنِيَّانِ وَكَذَا أَبُو صَالِحٍ قَوْلُهُ جَاءَ الْفُقَرَاءُ سُمِّيَ مِنْهُمْ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الذِّكْرِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ نَفْسِهِ وَسُمِّيَ مِنْهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ الْحَدِيثَ كَمَا سَيَأْتِي لَفْظُهُ وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ مِنْهُمْ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ بن عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ جَاءَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ لِكَوْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لِاحْتِمَالِ التَّغْلِيبِ قَوْلُهُ الدُّثُورِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ دَثْرٍ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ هُوَ الْمَالُ الْكثير وَمن فِي قَوْلِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ لِلْبَيَانِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّورِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَقَالَ كَذَا وَقَعَ الدُّورُ جَمْعُ دَارٍ وَالصَّوَابُ الدُّثُورُ انْتَهَى وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ أَيْضًا الدُّورَ قَوْلُهُ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ الْعَلْيَاءِ وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَعْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حِسِّيَّةً وَالْمُرَادُ دَرَجَاتُ الْجَنَّاتِ أَوْ مَعْنَوِيَّةً وَالْمُرَادُ عُلُوُّ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ قَوْلُهُ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَصَفَهُ بِالْإِقَامَةِ إِشَارَةً إِلَى ضِدِّهِ وَهُوَ النَّعِيمُ الْعَاجِلُ فَإِنَّهُ قَلَّ مَا يَصْفُو وَإِنْ صَفَا فَهُوَ بِصَدَدِ الزَّوَالِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ الْمَذْكُورَةِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ عَنْ سُمَيٍّ قَالَ كَيْفَ ذَلِكَ وَنَحْوه لمُسلم من رِوَايَة بن عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ قَوْلُهُ وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الْمَذْكُورِ وَيَذْكُرُونَ كَمَا نذْكر وللبزار من حَدِيث بن عُمَرَ صَدَّقُوا تَصْدِيقَنَا وَآمَنُوا إِيمَانَنَا قَوْلُهُ وَلَهُمْ فَضْلُ أَمْوَالٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْإِضَافَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَضْلُ الْأَمْوَالِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ قَوْلُهُ يَحُجُّونَ بِهَا أَيْ وَلَا نَحُجُّ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَيَحُجُّونَ كَمَا نَحُجُّ وَنَظِيرُهُ مَا وَقَعَ هُنَا وَيُجَاهِدُونَ وَوَقَعَ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ عَنْ سُمَيٍّ وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا لَكِنَّ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا الثَّانِي ظَاهِرٌ وَهُوَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجِهَادِ الْمَاضِي فَهُوَ الَّذِي اشْتَرَكُوا فِيهِ وَبَيْنَ الْجِهَادِ الْمُتَوَقَّعِ فَهُوَ الَّذِي تَقْدِرُ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ غَالِبًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُهُ فِي الْحَجِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ يُحِجُّونَ بِهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ يُعِينُونَ غَيْرَهُمْ عَلَى الْحَجِّ بِالْمَالِ قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُونَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة بن عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ قَوْلُهُ فَقَالَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَسَقَطَ قَوْلُهُ بِمَا مِنْ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِهِ وَقَدْ فُسِّرَ السَّاقِطُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ قَوْلُهُ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْوَالِ الَّذِينَ امْتَازُوا عَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَالسَّبْقِيَّةُ هُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَعْنَوِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ حِسِّيَّةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَسَقَطَ قَوْلُهُ مَنْ سَبَقَكُمْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ قَوْلُهُ وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ
الصفحة 327