كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

وَهُوَ إِحْبَاطُ الْمَعَاصِي لِلِانْتِفَاعِ بِالْحَسَنَاتِ عِنْدَ رُجْحَانِهَا عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَحْصُلَ النَّجَاةُ فَيَرْجِعَ إِلَيْهِ جَزَاءُ حَسَنَاتِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَدِيثِ عَمَلُ الدُّنْيَا الَّذِي يُسَبِّبُ الِاشْتِغَالُ بِهِ تَرْكَ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَتَمَتَّعُ وَأَقْرَبُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ وَظَاهِرُهُ غير مُرَاد وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ)
أَيْ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الصُّبْحَ وَإِنَّمَا حَمَلْتُهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ حَدِيثَيِ الْبَابِ لَا يَظْهَرُ مِنْهُمَا رُجْحَانُ الْعَصْرِ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَصْرَ ذَاتُ فَضِيلَةٍ لَا ذَاتُ أَفْضَلِيَّةٍ

[554] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي خَالِد وَقيس هُوَ بن أبي حَازِم وَوَقع عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ قَيْسٍ وَسَمَاعِ قَيْسٍ مِنْ جَرِيرٍ قَوْلُهُ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً زَادَ مُسْلِمٌ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ خَالٍ مِنَ الْعَنْعَنَةِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَوْلُهُ لَا تُضَامُونَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا أَيْ لَا يَحْصُلُ لَكُمْ ضَيْمٌ حِينَئِذٍ وَرُوِيَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ الضَّمِّ وَالْمُرَادُ نَفْيُ الِازْدِحَامِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَطْعِ أَسْبَابِ الْغَلَبَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلِاسْتِطَاعَةِ كَالنَّوْمِ وَالشُّغْلِ وَمُقَاوَمَةِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْدَادِ لَهُ وَقَوْلُهُ فَافْعَلُوا أَيْ عَدَمَ الْغَلَبَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَمَّا ذُكِرَ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَغْفُلُوا عَنْ صَلَاةٍ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا زَادَ مُسْلِمٌ يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَقَبْلَ غُرُوبهَا صَلَاة الْعَصْر وَقَالَ بن بَطَّالٍ قَالَ الْمُهَلَّبُ قَوْلُهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَنْ صَلَاةٍ أَيْ فِي الْجَمَاعَةِ قَالَ وَخَصَّ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لِاجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا وَرَفْعِهِمْ أَعْمَالَ الْعِبَادِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ هَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيمُ قُلْتُ وَعُرِفَ بِهَذَا مُنَاسَبَةُ إِيرَادِ حَدِيثِ يَتَعَاقَبُونَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ

الصفحة 33