كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَكَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ كَانَ الْحَجَّاجُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ فَائِدَةٌ كَانَ قُدُومُ الْحَجَّاجِ الْمَدِينَةَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ أَربع وَسبعين وَذَلِكَ عقب قتل بن الزُّبَيْرِ فَأَمَّرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا ثُمَّ نَقَلَهُ بَعْدَ هَذَا إِلَى الْعِرَاقِ قَوْله بِالْهَاجِرَةِ ظَاهِرُهُ يُعَارِضُ حَدِيثَ الْإِبْرَادِ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ يَفْعَلُ يُشْعِرُ بِالْكَثْرَةِ وَالدَّوَامِ عُرْفًا قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْهَاجِرَةَ عَلَى الْوَقْتِ بَعْدَ الزَّوَالِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِبْرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ مُقَيَّدٌ بِحَالِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِبْرَادِ أَبْرَدَ وَإِلَّا عَجَّلَ فَالْمَعْنَى كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ إِلَّا إِنِ احْتَاجَ إِلَى الْإِبْرَادِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادَهُ لَفَصَّلَ كَمَا فَصَّلَ فِي الْعِشَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله نَقِيَّةٌ بِالنُّونِ أَوَّلَهُ أَيْ خَالِصَةً صَافِيَةً لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ وَلَا تَغَيُّرٌ قَوْلُهُ إِذَا وَجَبَتْ أَيْ غَابَتْ وَأَصْلُ الْوُجُوبِ السُّقُوطُ وَالْمُرَادُ سُقُوطُ قُرْصِ الشَّمْسِ وَفَاعِلُ وَجَبَتْ مُسْتَتِرٌ وَهُوَ الشَّمْسُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَغْرِبُ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ شُعْبَةَ وَالْمَغْرِبُ حِينَ تَجِبُ الشَّمْسُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُقُوطَ قُرْصِ الشَّمْسِ يَدْخُلُ بِهِ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إِذَا كَانَ لَا يَحُولُ بَيْنَ رُؤْيَتِهَا غَارِبَةً وَبَيْنَ الرَّائِي حَائِلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله وَالْعِشَاءُ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا وَلِمُسْلِمٍ أَحْيَانًا يُؤَخِّرُهَا وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُ كَانَ إِذَا رَآهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَخْ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ وَقْتِ الْعِشَاءِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ وَنَحْوُهُ لِأَبِي عَوَانَةَ فِي رِوَايَةٍ وَالْأَحْيَانُ جَمْعُ حِينٍ وَهُوَ اسْمٌ مُبْهَمٌ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الزَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ الْحِينُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَحَدِيثُ الْبَابِ يُقَوِّي الْمَشْهُورَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حكم وَقت الْعشَاء فِي بَابه وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِذَا تَعَارَضَ فِي شَخْصٍ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَدِّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا أَوْ يُؤَخِّرَهَا فِي الْجَمَاعَةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّ التَّأْخِيرَ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ فَيُؤَخِّرُ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ مَعَ إِمْكَانِ التَّقْدِيمِ قُلْتُ وَرِوَايَةُ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ تَدُلُّ عَلَى أَخَصِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ انْتِظَارَ مَنْ تَكْثُرُ بِهِمُ الْجَمَاعَةُ أَوْلَى مِنَ التَّقْدِيمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَلَمْ يَشُقَّ على الْحَاضِرين وَالله أعلم قَوْله كَانُوا أوكان قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي عَنْ جَابِرٍ وَمَعْنَاهُمَا مُتَلَازِمَانِ لِأَنَّ أَيَّهُمَا كَانَ يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ كَانُوا مَعَهُ وَإِنْ أَرَادَ الصَّحَابَةُ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامَهُمْ أَيْ كَانَ شَأْنُهُ التَّعْجِيلُ لَهَا دَائِمًا لَا كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الْعِشَاءِ مِنْ تَعْجِيلِهَا أَوْ تَأْخِيرِهَا وَخَبَرُ كَانُوا مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ يُصَلِّيهَا أَيْ كَانُوا يُصَلُّونَ وَالْغَلَسُ بِفَتْحِ اللَّامِ ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَالَ بن بَطَّالٍ مَا حَاصِلُهُ فِيهِ حَذْفَانِ حَذْفُ خَبَرِ كَانُوا وَهُوَ جَائِزٌ كَحَذْفِ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ فِي قَوْله واللائى لم يحضن أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ مِثْلُ ذَلِكَ وَالْحَذْفُ الثَّانِي حَذْفُ الْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَ أَوْ تَقْدِيرُهُ أَوْ لَمْ يَكُونُوا مُجْتَمعين قَالَ بن التِّينِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَانُوا هُنَا تَامَّةً غَيْرَ نَاقِصَةٍ بِمَعْنَى الْحُضُورِ وَالْوُقُوعِ فَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ مَا بعد أَو خَاصَّة وَقَالَ بن الْمُنِيرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي هَلْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَانُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ وَالصُّبْحُ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ مَعَ النَّبِيِّ أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ يُصَلِّيهَا بِالْغَلَسِ قُلْتُ وَالتَّقْدِيرُ الْمُتَقَدِّمُ أَوْلَى وَالْحَقُّ أَنَّهُ شكّ من الرَّاوِي فقد وَقع فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالصُّبْحُ كَانُوا أَوْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ حَذْفٌ وَاحِدٌ تَقْدِيرُهُ وَالصُّبْحُ كَانُوا يُصَلُّونَهَا أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ فَقَوْلُهُ بِغَلَسٍ يَتَعَلَّقُ بِأَيِّ اللَّفْظَيْنِ كَانَ هُوَ الْوَاقِعُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ

الصفحة 42