كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

قَوْلِهِ كَانُوا يُصَلُّونَهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ وَلَا مِنْ قَوْلُهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ وَحْدَهُ بَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَانُوا يُصَلُّونَهَا أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ وَهَكَذَا قَوْلُهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا أَيْ بِأَصْحَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله عَن سَلمَة هُوَ بن الْأَكْوَعِ وَهَذَا مِنْ ثُلَاثِيَّاتِ الْبُخَارِيِّ قَوْله إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ أَيِ اسْتَتَرَتْ وَالْمُرَادُ الشَّمْسُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَذْكُرْهَا اعْتِمَادًا عَلَى أَفْهَامِ السَّامِعِينَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ انْتَهَى وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ بِلَفْظِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِصَارَ فِي الْمَتْنِ مِنْ شَيْخِ البُخَارِيّ وَقد صرح بِذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ حِينَ يَغِيبُ حَاجِبُهَا وَالْمُرَادُ حَاجِبُهَا الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ أَكْثَرُهَا وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا تَوَارَتْ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ وقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام على حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ رَفَعَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ وَلَا صَلَاةَ بعْدهَا حَتَّى يرى الشَّاهِد وَالشَّاهِد النَّجْم

(قَوْله بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْجَزْمِ كَأَنْ يَقُولَ بَابُ كَرَاهِيَةِ كَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ لَا يَقْتَضِي نَهْيًا مُطْلَقًا لَكِنْ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ غَلَبَةِ الْأَعْرَابِ عَلَى ذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ إِطْلَاقِ الْعِشَاءِ عَلَيْهِ أَحْيَانًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُتْرَكُ لَهُ التَّسْمِيَةُ الْأُخْرَى كَمَا تَرَكَ ذَلِكَ الْأَعْرَابُ وُقُوفًا مَعَ عَادَتِهِمْ قَالَ وَإِنَّمَا شُرِعَ لَهَا التَّسْمِيَةُ بِالْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ اسْمٌ يُشْعِرُ بِمُسَمَّاهَا أَوْ بِابْتِدَاءِ وَقْتِهَا وَكُرِهَ إِطْلَاقُ اسْمِ الْعِشَاءِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَقَعَ الِالْتِبَاسُ بِالصَّلَاةِ الْأُخْرَى وَعَلَى هَذَا لَا يُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ تُسَمَّى الْعِشَاءَ بِقَيْدٍ كَأَنْ يَقُولَ الْعِشَاءُ الْأُولَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَنقل بن بَطَّالٍ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ الْأُولَى وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ أَمَّا مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ

[563] قَوْله عبد الْوَارِث هُوَ بن سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ وَقَوْله عَنِ الْحُسَيْنِ هُوَ الْمُعَلِّمُ قَوْله حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ أَبِيهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَة هُوَ بن مُغَفَّلٍ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَكَذَلِكَ وَقَعَ مَنْسُوبًا بِذِكْرِ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيره والإسناد كُله بصريون قَوْله لَا تغلبكم قَالَ الطِّيبِيُّ يُقَالُ غَلَبَهُ عَلَى كَذَا غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهْرًا وَالْمَعْنَى لَا تَتَعَرَّضُوا لِمَا هُوَ مِنْ عَادَتِهِمْ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَغْرِبِ بِالْعِشَاءِ وَالْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ فَيَغْصِبُ مِنْكُمُ الْأَعْرَابُ اسْمَ الْعِشَاءِ الَّتِي سَمَّاهَا اللَّهُ بِهَا قَالَ فالنهى علىالظاهر للأعراب وعلىالحقيقة لَهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَى الْغَلَبَةِ أَنَّكُمْ تُسَمُّونَهَا اسْما

الصفحة 43