كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

الْإِسْمَاعِيلِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ نَائِمًا أَيْ عَلَى جَنْبٍ اه وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَلَى التَّصْحِيف أَيْضا حَكَاهُ بن رَشِيدٍ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيمَاءُ إِذَا صَلَّى نَفْلًا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَيَّنُ مِنِ اخْتِيَارِ الْبُخَارِيِّ وَعَلَى رِوَايَة الْأصيلِيّ شرح بن بَطَّالٍ وَأَنْكَرَ عَلَى النَّسَائِيِّ تَرْجَمَتَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النَّائِمِ وَادَّعَى أَنَّ النَّسَائِيَّ صَحَّفَهُ قَالَ وَغَلَطُهُ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْأَمْرُ لِلْمُصَلِّي إِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّوْمُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ قَالَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَثْبُتُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا نِصْفَ أَجْرِ الْقَاعِدِ اه وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّعَقُّبِ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى كَلَامَ بن بَطَّالٍ لَعَلَّهُ هُوَ الَّذِي صَحَّفَ وَإِنَّمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ حَمْلُ قَوْلِهِ نَائِمًا عَلَى النَّوْمِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي أُمِرَ الْمُصَلِّي إِذَا وَجَدَهُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ هُنَا إِنَّمَا الْمُرَادُ الِاضْطِجَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النَّائِمِ وَالصَّوَابُ مِنَ الرِّوَايَةِ نَائِمًا بِالنُّونِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ النَّوْمِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاضْطِجَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي صَحَّفَ وَالَّذِي غَرَّهُمْ تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ وَعُسْرِ تَوْجِيهِهَا عَلَيْهِمْ وَلِلَّهِ الْحَمد على مَا وهب

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا لَمْ يُطِقْ أَيِ الْإِنْسَانُ الصَّلَاةَ فِي حَالِ الْقُعُودِ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ)
قَوْلُهُ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَخْ وَهَذَا الْأَثر وَصله عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ بِمَعْنَاهُ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ أَدَاءِ فَرْضٍ يَنْتَقِلُ إِلَى فَرْضٍ دُونَهُ وَلَا يَتْرُكُ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ الْقُعُودِ فِي الصَّلَاةِ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَقَدْ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ

[1117] قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَسَقَطَ ذِكْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ عَبْدَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَالْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ هُوَ بن ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ الَّذِي سَبَقَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا عَنْ حُسَيْنٍ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ حُسَيْنٍ عَلَى اللَّفْظِ السَّابِقِ اه وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَضْعِيف رِوَايَة إِبْرَاهِيم كَمَا فهمه بن الْعَرَبِيِّ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ وَرُدَّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ بِأَن رِوَايَة إِبْرَاهِيم توَافق الْأُصُول وَرِوَايَة غَيره تُخَالِفُهَا فَتَكُونُ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ أَرْجَحَ لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى التَّرْجِيحِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ وَإِلَّا فَاتِّفَاقُ الْأَكْثَرِ عَلَى شَيْءٍ يَقْتَضِي أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ خَالَفَهُمْ تَكُونُ شَاذَّةً وَالْحَقُّ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَانِ كَمَا صَنَعَ الْبُخَارِيُّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حُكْمٍ غَيْرِ الْحُكْمِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمُرَادُ عَنْ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ كَانَتْ بِي

الصفحة 587