كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْلُهُ بَابٌ لَا تُتَحَرَّى)
بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَالصَّلَاةُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهَا فِي مَقَامِ الْفَاعِلِ أَوْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالصَّلَاةَ بِالنَّصْبِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيِ الْمُصَلِّي وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ قَوْله فىالحديث عِنْدَ الْغُرُوبَ لِمَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا قَوْلُهُ لَا يُتَحَرَّى كَذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يَجُوزُ الْخَبَرُ عَنْ مُسْتَقَرِّ أَمْرِ الشَّرْعِ أَيْ لَا يَكُونُ إِلَّا هَذَا

[585] قَوْلُهُ فَيُصَلِّيَ بِالنَّصْبِ وَالْمُرَادُ نَفْيُ التَّحَرِّي وَالصَّلَاةِ مَعًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ كَذَا فَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ وَقَالَ بن خَرُوفٍ يَجُوزُ فِي فَيُصَلِّي ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْجَزْمُ علىالعطف أَي لَا يتحَرَّى وَلَا يُصَلِّي وَالرَّفْعُ عَلَى الْقَطْعِ أَيْ لَا يَتَحَرَّى فَهُوَ يُصَلِّي وَالنَّصْبُ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى لَا يَتَحَرَّى مُصَلِّيًا وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ لَا يَتَحَرَّى نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَيُصَلِّيَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ جَوَابُهُ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَتَحَرَّى فَقِيلَ لِمَ فَأُجِيبَ خِيفَةَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّرَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ وَمَعْنَاهُ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ

[586] قَوْلُهُ عَنْ صَالِحٍ هُوَ بن كَيْسَانَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِصَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَر شَيْئا قَوْله لَا صَلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَصِيغَةُ النَّفْي فِي أَلْفَاظِ الشَّارِعِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ كَانَ الْأَوْلَى حَمْلُهَا علىنفى الْفِعْلِ الشَّرْعِيِّ لَا الْحِسِّيِّ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ لَاحْتَجْنَا فِي تَصْحِيحِهِ إِلَى إِضْمَارٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ لَمْ نَحْتَجْ إِلَى إِضْمَارٍ فَهَذَا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالتَّقْدِيرُ لَا تُصَلُّوا وَحَكَى أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُمَا لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهُمَا وَلَمْ يُقْصَدِ الْوَقْتُ بِالنَّهْيِ كَمَا قُصِدَ بِهِ وَقْتُ الطُّلُوعِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ نَقِيَّةً وَفِي

الصفحة 61