كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْلُهُ بَابُ الْأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ)
سَقَطَ لفظ ذهَاب من رِوَايَة المستملى قَالَ بن الْمُنِيرِ إِنَّمَا صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِالْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِقُوَّةِ الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْخَبَرِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ قَوْلُهُ سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً كَانَ ذَلِكَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ خَيْبَرَ كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا بَيَّنْتُهُ فِي بَابِ الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ مِنْ كِتَابِ التَّيَمُّمِ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي أَوَّلِهِ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسِيرُ بِنَا وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ قِصَّةً لَهُ فِي مَسِيرِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَسَ حَتَّى مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَعَّمَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ مَالَ عَنِ الطَّرِيقِ فَنَزَلَ فِي سَبْعَةِ أَنْفُسٍ فَوَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْقَوْمِ لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا وَلَا قَوْلِ بِلَالٍ أَنَا أُوقِظُكُمْ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا السَّائِلِ وَالتَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ لِغَيْرِ إِقَامَةٍ وَأَصْلُهُ نُزُولٌ آخِرَ اللَّيْلِ وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَكَانَ أَسْهَلَ عَلَيْنَا

[595] قَوْلُهُ أَنَا أُوقِظُكُمْ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ فَمَنْ يُوقِظُنَا قَالَ بِلَالٌ أَنَا قَوْلُهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ فَغَلَبَتْ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ قَوْلُهُ فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ قَوْلُهُ يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ أَيْ أَيْنَ الْوَفَاءُ بِقَوْلِكَ أَنَا أُوقِظُكُمْ قَوْلُهُ مِثْلُهَا أَيْ مِثْلُ النَّوْمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبْضِ الرُّوحِ الْمَوْتُ فَالْمَوْتُ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ الرُّوحِ بِالْبَدَنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالنَّوْمُ انْقِطَاعُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَقَطْ زَادَ مُسْلِمٌ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ حِينَ شَاءَ حِينَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَيْسَ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ نَوْمَ الْقَوْمِ لَا يَتَّفِقُ غَالِبًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ يَتَتَابَعُونَ فَيَكُونُ حِينَ الْأُولَى خَبَرًا عَنْ أَحْيَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ قَوْلُهُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ كَذَا هُوَ بِتَشْدِيدِ ذَالِ أَذِّنْ وَبِالْمُوَحَّدَةِ فِيهِمَا وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ فَآذِنْ بِالْمَدِّ وَحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ بِالنَّاسِ وَآذِنْ مَعْنَاهُ أَعْلِمْ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ بَعْدُ قَوْلُهُ فَتَوَضَّأَ زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَتَوَضَّأَ النَّاسُ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ هشيم عَن حُصَيْن فقضوا حوائجهم فتوضؤوا إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ أَبْيَنُ سِيَاقًا وَنَحْوُهُ لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ عَنْ حُصَيْنٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ الصَّلَاةَ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَارْتَفَعَتْ كَانَ بِسَبَبِ الشُّغْلِ بِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ لَا لِخُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَوْلُهُ وابيضت وَزْنُهُ افْعَالَّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِثْلُ احْمَارَّ وَابْهَارَّ أَيْ صَفَتْ وَقِيلَ إِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَوْنٍ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فَأَمَّا الْخَالِصُ مِنَ الْبَيَاضِ مَثَلًا فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ أَبْيَضُ قَوْلُهُ فَصَلَّى زَادَ أَبُو دَاوُدَ بِالنَّاسِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ الْتِمَاسِ الْأَتْبَاعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَكِنْ بِصِيغَةِ الْعَرْضِ لَا بِصِيغَةِ الِاعْتِرَاضِ وَأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُرَاعِيَ الْمَصَالِحَ الدِّينِيَّةَ وَالِاحْتِرَازُ عَمَّا يُحْتَمَلُ فَوَاتُ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِهِ وَجَوَازُ الْتِزَامِ الْخَادِمِ الْقِيَامَ بِمُرَاقَبَةِ ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءُ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ بِالْوَاحِدِ وَقَبُولُ الْعُذْرِ مِمَّنِ اعْتَذَرَ بِأَمْرٍ سَائِغٍ وَتَسْوِيغُ الْمُطَالَبَةِ بِالْوَفَاءِ بِالِالْتِزَامِ وَتَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ عَلَى بِلَالٍ بِذَلِكَ تَنْبِيهًا لَهُ عَلَى اجْتِنَابِ الدَّعْوَى وَالثِّقَةِ بِالنَّفْسِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهَا لَا سِيَّمَا فِي مظان

الصفحة 67