كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(

(قَوْلُهُ بَابُ السَّمَرِ)
فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمُنِيرِ الْفِقْهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْخَيْرِ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ تَنْوِيهًا بِذِكْرِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مُحَسِّنًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْمُرُ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْأَمْرِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُمَا

[600] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُبَاحٍ هُوَ الْعَطَّارُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ هَذَا الْإِسْنَاد قَوْله انتظرنا الْحسن أَي بن أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ وَرَاثَ عَلَيْنَا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَرَاثَ بِمُثَلَّثَةٍ غَيْرُ مَهْمُوزٍ أَيْ أَبْطَأَ قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ أَيِ الَّذِي جَرَتْ عَادَتُهُ بِالْقُعُودِ مَعَهُمْ فِيهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ لِأَخْذِ الْعِلْمِ عَنْهُ قَوْلُهُ دَعَانَا جِيرَانُنَا بِكَسْرِ الْجِيمِ كَأَنَّ الْحَسَنَ أَوْرَدَ هَذَا مَوْرِدَ الِاعْتِذَارِ عَنْ تَخَلُّفِهِ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى عَادَتِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَيِ الْحَسَنُ قَالَ أَنَسٌ نَظَرْنَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ انْتَظَرْنَا وَهُمَا بِمَعْنًى قَوْلُهُ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ بِرَفْعِ شَطْرٍ وَكَانَ تَامَّةٌ وَقَوْلُهُ يَبْلُغُهُ أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُ ثُمَّ خَطَبَنَا هُوَ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ صَلَاتِهَا وَأَوْرَدَ الْحَسَنُ ذَلِكَ لِأَصْحَابِهِ مُؤْنِسًا لَهُمْ وَمُعَرِّفًا أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ فَاتَهُمُ الْأَجْرُ عَلَى مَا يَتَعَلَّمُونَهُ مِنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَلَى ظَنِّهِمْ فَلَمْ يَفُتْهُمُ الْأَجْرُ مُطْلَقًا لِأَنَّ مُنْتَظِرَ الْخَيْرِ فِي خَيْرٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمُ الْخَيْرُ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ أَنَّهُمْ فِي صَلَاةٍ مَعَ أَنَّهُمْ جَائِزٌ لَهُمُ الْأَكْلُ وَالْحَدِيثُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ الْحَسَنُ عَلَى ذَلِكَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ آنَسَ أَصْحَابَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ بَعْدُ وَأَنَّ الْقَوْمَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ قَوْلُهُ قَالَ قُرَّةُ هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ يَعْنِي الْكَلَامَ الْأَخِيرَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُصَرِّحِ الْحَسَنُ بِرَفْعِهِ وَلَا بِوَصْلِهِ فَأَرَادَ قُرَّةُ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى كَوْنِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَوْصُولًا مَرْفُوعًا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ رَوَاهُ عَنهُ بذلك تَنْبِيه أخرج مُسلم وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّباح شيخ البُخَارِيّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا حَدِيثا خالفا الْبُخَارِيَّ فِيهِ فِي بَعْضِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ فَقَالَا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى قَالَ فَكَأَنَّمَا أنظر إِلَى وَبِيصُ خَاتَمِهِ حَلْقَةٌ فِضَّةٌ انْتَهَى وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّبَاحِ كَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ قُرَّةَ عَنْ قَتَادَةَ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ كَانَ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ عَنْ قُرَّةَ أَيْضًا وَسَمِعَهُ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصُّبَاحِ كَمَا سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ الْآخَرَ عَنْ قُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ الْحَدِيثَيْنِ من الطَّرِيقَيْنِ

الصفحة 74