كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ أَبْوَابِ الْأَذَانِ)
الْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَذَانٌ من الله وَرَسُوله وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَذَانُ عَلَى قِلَّةِ أَلْفَاظِهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسَائِلِ الْعَقِيدَةِ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَكْبَرِيَّةِ وَهِيَ تَتَضَمَّنُ وُجُودَ اللَّهِ وَكَمَالَهُ ثُمَّ ثَنَّى بِالتَّوْحِيدِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ ثُمَّ بِإِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَا إِلَى الطَّاعَةِ الْمَخْصُوصَةِ عَقِبَ الشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَعَادِ ثُمَّ أَعَادَ مَا أَعَادَ تَوْكِيدًا وَيَحْصُلُ مِنَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَالدُّعَاءُ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَإِظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِ الْقَوْلِ لَهُ دُونَ الْفِعْلِ سُهُولَةُ الْقَوْلِ وَتَيَسُّرُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَاخْتُلِفَ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْأَذَانُ أَوِ الْإِمَامَةُ ثَالِثُهَا إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُومِئُ إِلَيْهِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ يُكْرَهُ وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ لَوْ أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلَافَةِ لَأَذَّنْتُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ
(قَوْله بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ)
أَيِ ابْتِدَائِهِ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَلِكَ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْله وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الْآيَةَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَذَانِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا سَمِعُوا الْأَذَانَ قَالُوا لَقَدِ ابْتَدَعْتَ يَا مُحَمَّدُ شَيْئًا
الصفحة 77
597