كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

لَمْ يَكُنْ فِيمَا مَضَى فَنَزَلَتْ وَإِذَا نَادَيْتُمْ الىالصلاة الْآيَةَ قَوْله وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُشِيرُ بِذَلِكَ أَيْضًا إِلَى الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَاخْتُلِفَ فِي السَّنَةِ الَّتِي فُرِضَ فِيهَا فَالرَّاجِحُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَقِيلَ بَلْ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وروى عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ فَرْضَ الْأَذَانِ نَزَلَ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ تَنْبِيهٌ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا فِي الْآيَتَيْنِ مِنَ التَّعْدِيَةِ بِإِلَى وَاللَّامِ أَنَّ صِلَاتِ الْأَفْعَالِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مَقَاصِدِ الْكَلَامِ فَقَصَدَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الِانْتِهَاءِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى أَوِ الْعَكْسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا شُرِعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ نَفَى النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَسِيَاقُ حَدِيثهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أخرجه بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَذكر نَحْو حَدِيث بن عُمَرَ وَفِي آخِرِهِ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ النِّدَاءَ فَذَكَرَ الرُّؤْيَا وَفِيهَا صِفَةُ الْأَذَانِ لَكِنْ بِغَيْرِ تَرْجِيعٍ وَفِيهِ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ وَإِفْرَادُ الْإِقَامَةِ وَتَثْنِيَةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَفِي آخِرِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ وَفِيهِ مَجِيءُ عُمَرَ وَقَوْلُهُ إِنَّهُ رَأَى مِثْلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْأَذَانِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَعَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد من طرق وَحكى بن خُزَيْمَةَ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ أَصَحُّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالْمُرْسَلُ أَقْوَى إِسْنَادًا وَوَقَعَ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَيْضًا رَأَى الْأَذَانَ وَوَقَعَ فِي الْوَسِيطِ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّهُ رَآهُ بِضْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا وَعِبَارَةُ الْجِيلِيِّ فِي شَرْحِ التَنْبِيهِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ رجلا وَأنْكرهُ بن الصَّلَاحِ ثُمَّ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ مُغْلَطَايْ أَنَّ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ رَآهُ سَبْعَةٌ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقِصَّةُ عُمَرَ جَاءَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ وَاهٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ جِبْرِيلُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا فَسَمِعَهُ عُمَرُ وَبِلَالٌ فَسَبَقَ عُمَرُ بِلَالًا فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ فَقَالَ لَهُ سَبَقَكَ بِهَا عُمَرُ فَائِدَتَانِ الْأُولَى وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْهَا لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ الْأَذَانَ فَنَزَلَ بِهِ فَعَلَّمَهُ بِلَالًا وَفِي إِسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوك وللدارقطني فِي الْأَطْرَاف مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَذَانِ حِينَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا لَمَّا أُسْرِيَ بِي أَذَّنَ جِبْرِيلُ فَظَنَّتِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِمْ فَقَدَّمَنِي فَصَلَّيْتُ وَفِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَلِلْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رَسُولَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْبُرَاقُ فَرَكِبَهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ إِذْ خَرَجَ مَلَكٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَأَمَّ بِأَهْلِ السَّمَاءِ وَفِي إِسْنَادِهِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو الْجَارُودِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ أَيْضًا وَيُمْكِنُ عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ

الصفحة 78