كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْله بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِيَ)
هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنِ بن الْمُبَارك عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ وَآثَرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ الْجَزْمِ بِحُكْمِ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ ظَاهِرُ صَنِيعِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ مِنَ الْأَذَانِ إِلَّا الْحَيْعَلَتَيْنِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي بَدَأَ بِهِ عَامٌّ وَحَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الَّذِي تَلَاهُ بِهِ يُخَصِّصُهُ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ

[611] قَوْله عَن عَطاء بن يزِيد فِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فَائِدَةٌ اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى مَالِكٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَحُّ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِنَّهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ دُونَ مَا ذُكِرَ لَا نُطِيلُ بِهِ قَوْلُهُ إِذَا سَمِعْتُمْ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْإِجَابَةِ بِمَنْ يَسْمَعُ حَتَّى لَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ عَلَى الْمَنَارَةِ مَثَلًا فِي الْوَقْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعَ أَذَانَهُ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ لَا تُشْرَعُ لَهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْله فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن ادّعى بن وَضَّاحٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ مَدْرَجٌ وَأَنَّ الْحَدِيثَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْإِدْرَاجَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَقَدِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ عَلَى إِثْبَاتِهَا وَلَمْ يُصِبْ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ فِي حَذْفِهَا قَوْلُهُ مَا يَقُولُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ لِيُشْعِرَ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُ بَعْدَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِثْلَ كَلِمَتِهَا قُلْتُ وَالصَّرِيحُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْكُتَ وَأَمَّا أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فَقَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ عَقِبَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَضَمَّنَتْ إِجَابَةَ كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَقَةُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يُجَاوِبْهُ حَتَّى فَرَغَ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّدَارُكُ إِنْ لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَحْثًا وَقَدْ قَالُوهُ فِيمَا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَالصَّلَاةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِثْلَ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ لَكِنَّ حَدِيثَ عُمَرَ أَيْضًا وَحَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الْآتِي يَدُلَّانِ عَلَى أَنه يسْتَثْنى من ذَلِك حىعلى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَيَقُولُ بَدَلَهُمَا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ بن خُزَيْمَة وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَيَقُولُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ إِعْمَالُهُمَا قَالَ فَلِمَ لَا يُقَالُ يُسْتَحَبُّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْد الْحَنَابِلَة وَأجِيب عَنِ الْمَشْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْأَذْكَارَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْحَيْعَلَةِ يَشْتَرِكُ السَّامِعُ وَالْمُؤَذِّنُ فِي ثَوَابِهَا وَأَمَّا الْحَيْعَلَةُ فَمَقْصُودُهَا الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ مِنَ الْمُؤَذِّنِ فَعُوِّضَ السَّامِعُ عَمَّا يَفُوتُهُ مِنْ ثَوَابِ الْحَيْعَلَةِ بِثَوَابِ الْحَوْقَلَةِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَحْصُلُ لِلْمُجِيبِ الثَّوَابُ لِامْتِثَالِهِ الْأَمْرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَزْدَادَ اسْتِيقَاظًا وَإِسْرَاعًا إِلَى الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا تَكَرَّرَ عَلَى سَمْعِهِ الدُّعَاءُ إِلَيْهَا مِنَ الْمُؤَذِّنِ وَمِنْ

الصفحة 91