كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

كَمَا قَالَ حَتَّى إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِك وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوْضَحَ سِيَاقًا مِنْهُ وَتَبَيَّنَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَن ذكر الحوقلة فِي جَوَاب حىعلى الْفَلَاحِ اخْتُصِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِخِلَافِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ مَنْ وَقَفَ مَعَ ظَاهِرِهِ وَأَنَّ إِلَى فِي قَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ إِلَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالكُم تَنْبِيهٌ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَحْوَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَمْ يُخَرِّجْ مُسْلِمٌ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ لِلْمُبْهَمِ الَّذِي فِيهَا لَكِنْ إِذَا انْضَمَّ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ إِلَى الْآخَرِ قَوِيَ جِدًّا وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيِّ وَأَبِي رَافِعٍ وَهُمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَنْ أَنَسٍ فِي الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)
أَيْ عِنْدَ تَمَامِ النِّدَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ اتِّبَاعًا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ

[614] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ بِالْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَلْقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ غَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْقُدَمَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى أَحْمَدَ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَوْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ شُعَيْبًا تفرد بِهِ عَن بن الْمُنْكَدِرِ فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ وَقَدْ تُوبِعَ بن الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحوه وَوَقع فِي زَوَائِد الْإِسْمَاعِيلِيّ أَخْبرنِي بن الْمُنْكَدِرِ قَوْلُهُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَيِ الْأَذَانَ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْمُؤَذِّنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ حَالَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِفَرَاغِهِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النِّدَاءِ تَمَامَهُ إِذِ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْكَامِلِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَفِي هَذَا أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ عِنْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ كَفَاهُ وَقَدْ بَيَّنَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُرَادَ وَأَنَّ الْحِينَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَزِيزَةَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ لِظَاهِرِ إِيرَادِهِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي الْوُجُوبَ وَبِهِ

الصفحة 94