كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 2)
بِظَهْرِ الْكَفِّ وَبَطْنِهَا وَأُخْرَى أَنَّ الْوُضُوءَ مُسْتَحَبٌّ وَأُخْرَى يُشْتَرَطُ الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارُ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَأَبِي الدَّرْدَاءَ وَرَبِيعَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَنْقُضُ مَسُّهُ ذَكَرَ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ
* وَاحْتَجَّ لِهَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ (هَلْ هُوَ الابضعة مِنْكَ) وَعَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ عَنْ قَمِيصِهِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ ولانه مس عضو مِنْهُ فَلَمْ يَنْقُضْ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ بُسْرَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَبِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَاسْتَحْسَنَهُ قَالَ وَرَأَيْتُهُ يَعُدُّهُ مَحْفُوظًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا رَوَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِضْعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنْ قِيلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ لَا تَصِحُّ أَحَدُهَا الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ: فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى خِلَافِهِ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ وَاحْتَجَّ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُمْ أَعْلَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ يَحْتَجُّوا بِهِ: فَإِنْ قَالُوا حَدِيثُ بُسْرَةَ رَوَاهُ شُرْطِيٌّ لِمَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ: فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَثَبَتَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الشُّرْطِيِّ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ إمَامِ الائمة محمد بن اسحق بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لِحَدِيثِ بُسْرَةَ وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَقُولُ لِأَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَ حَدِيثَ بُسْرَةَ مِنْهَا: فَإِنْ قَالُوا الْوُضُوءُ هُنَا غَسْلُ الْيَدِ قُلْنَا هَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ الْوُضُوءَ إذَا أُطْلِقَ فِي الشَّرْعِ حُمِلَ عَلَى غَسْلِ
الْأَعْضَاءِ الْمَعْرُوفَةِ هَذَا حَقِيقَتُهُ شَرْعًا وَلَا يُعْدَلُ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَّا بِدَلِيلٍ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَقْيِسَةٍ وَمَعَانٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا مَعَ صِحَّةِ الْحَدِيثِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِحَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ فَمِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وُجُوهًا مِنْ وُجُوهِ تَضْعِيفِهِ: الثَّانِي أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فان وفادة
الصفحة 42
618