كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 2)

والقروء (¬1) جمع قرء، قال الأصمعي: الواحد القرء بضم القاف، وقال أبو زيد بالفتح وكلاهما قال: أقرأت المرأة حاضت وأقرأت طهرت، وقال الأخفش: أقرأت المرأة إذا صارت صاحبة حيض، فإذا حاضت قلت قرأت بلا ألف.
وقال أبو عمرو بن العلاء: من العرب من يسمي الحيض قَرْأً، ومنهم من يسمي الطهر قرأً، ومنهم من يجمعهما جميعاً فيسمي الحيض مع الطهر قرأ.
وينبغي أن يعلم أن القَرْءَ في الأصل الوقت يقال هبت الرياح لقَرئها ولقارئها أي لوقتها فيقال للحيض قَرء وللطهر قَرء لأن كل واحد منهما له وقت معلوم، وقد أطلقته العرب تارة على الطهر وتارة على الحيض.
وقال قوم مأخوذ من قرأَ الماء في الحوض وهو جمعه، ومنه (القرآن) لاجتماع المعاني فيه.
والحاصل أن القَرْءَ في لغة العرب مشترك بين الحيض والطهر، ولأجل ذلك الاشتراك اختلف أهل العلم في تعيين ما هو المراد بالقروء المذكورة في الآية فقال أهل الكوفة: هي الحيض، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى ومجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة والسدى وأحمد بن حنبل، وقال أهل الحجاز: هي الإظهار، وهو قول عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت والزهري وأبان بن عثمان والشافعي.
واعلم أنه قد وقع الاتفاق بينهم على أن القَرْءَ الوقت فصار معنى الآية عند الجميع والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة أوقات، فهي على هذا مفسرة في العدد مجملة في المعدود، فوجب طلب البيان للمعدود من غيرها فأهل القول الأول استدلوا على أن المراد في هذه الآية الحيض بقوله - صلى الله عليه وسلم - " دعي الصلاة أيام
¬_________
(¬1) القُروء: جمعُ قَرْء (مجمل اللغة لابن فارس، باب القاف والراء وما يثلثهما، 2/ 750؛ تحقيق زهير عبد المحسن سلطان، اطبعة مؤسسة الرسالة- بيروت).

الصفحة 14