كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 2)

إقرائك (¬1) " وبقوله- صلى الله عليه وسلم -: " طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان (¬2) " وبأن المقصود من العدة استبراء الرحم وهو يحصل بالحيض لا بالطهر.
واستدل أهل القول الثاني بقوله تعالى (فطلقوهن لعدتهن) ولا خلاف أنه يؤمر بالطلاق وقت الطهر، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر " مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء (¬3) " وذلك لأن زمن الطهر هو الذي تطلق فيه النساء.
قال أبو بكر بن عبد الرحمن: ما أدركنا أحداً من فقهائنا إلا يقول بأن الإقراء هو الإطهار فإذا طلق الرجل في طهر لم يطأ فيه اعتدت بما بقي منه ولو ساعة ولو لحظة ثم استقبلت طهراً ثانياً بعد حيضة فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة خرجت من العدة انتهى.
وعندي أن لا حجة في بعض ما احتج به أهل القولين جميعاً:
أما قول الأولين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " دعي الصلاة أيام إقرائك " فغاية ما في هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق الإقراء على الحيض، ولا نزاع في جواز ذلك كما هو شأن اللفظ المشترك فإنه يطلق تارة على هذا وتارة على هذا، وإنما النزاع في
¬_________
(¬1) أبو داود كتاب الطهارة باب 107.
(¬2) ضعيف الجامع الصغير 3652. والصواب وقفه على ابن عمر (وعن عائشة مرفوعاً: " طلاق العبد اثنتان فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره " رواه الدارقطني) 2/ 242. وهو ضعيف. أخرجه الدارقطني (441) وعنه البيهقي (7/ 239 - 370، 426).
أما " طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان ".
أخرجه أبو داود (2189) والترمذي (1/ 222) وابن ماجه (2080) والدارقطني والحاكم (2/ 205) والبيهقي والخطابي في " غريب الحديث " (ق 152/ 2) وقال أبو داود: " وهو حديث مجهول ".
وقال الترمذي: " لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث مظاهر، ولا نعرف له غير هذا الحديث ".
(¬3) مسلم 1471.

الصفحة 15