كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 2)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)
ثم توعدهم سبحانه بقوله
(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) خاطب سبحانه المؤمنين محذراً لهم عن طاعة اليهود والنصارى مبيناً لهم أن تلك الطاعة تفضي إلى أن يردوهم ويصيروهم بعد إيمانهم كافرين، والكفر يوجب الهلاك في الدنيا بوقوع العداوة والبغضاء وهيجان الفتنة والحرب وسفك الدماء، وفي الآخرة النار.
(وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله) الاستفهام للإنكار والاستبعاد أي من أين يأتيكم ذلك ولديكم ما يمنع منه، ويقطع أثره، وهو تلاوة آيات الله عليكم أي القرآن الذي فيه بيان الحق والباطل، وكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يبين الحق ويدفع الشبهة بين أظهركم.
وقيل (كيف) كلمة تعجب وتوبيخ والمراد منه المنع والتغليظ، قال قتادة في هذه الآية علمان بينان كتاب الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد مضى، وأما كتاب الله فقد أبقاه الله بين أظهركم رحمة منه ونعمة.
وقال الزجاج يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان فيهم وهم يشاهدونه، ويجوز أن يكون الخطاب لجميع

الصفحة 299