كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 2)

أي لا تضر والدة بولدها فتسيء تربيته أو تقصر في غذائه، ولا والد بولده، وقدمها لفرط شفقتها، وأضيف الولد تارة إلى الأب وتارة إلى الأم للاستعطاف، لا لبيان النسب، إذ لو كاشط له لم تصح إلا للوالد لأنه هو الذي ينسب إليه الولد.
وهذه الجملة تفصيل للجملة التي قبلها وتقرير لها أي لا يكلف كل واحد منهما الآخر ما لا يطيقه فلا يضارّه بسبب ولده.
(وعلى الوارث مثل ذلك) معطوف على قوله (وعلى المولود له) وما بينهما تفسير للمعروف أو تعليل له معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.
واختلف أهل العلم في معنى الآية فقيل هو وارث الصبي أي إذا مات المولود له كان على وارث هذا الصبي المولود إرضاعه كما كان يلزم أباه ذلك، قاله عمر بن الخطاب وقتادة والسدى والحسن ومجاهد وعطاء وأحمد واسحق وأبو حنيفة وابن أبي ليلى على خلاف بينهم هل يكون الوجوب على من يأخذ نصيباً من الميراث أو على المذكور فقط أو على كل ذي رحم له وإن لم يكن وارثاً منه.
وقيل المراد بالوارث وارث الأب تجب عليه نفقة المرضعة وكسوتها بالمعروف، قاله الضحاك، وقال مالك في تفسير هذه الآية: بمثل ما قاله الضحاك ولكنه قال: إنها منسوخة وأنها لا تلزم الرجل نفقة أخ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم منه، وشرطه الضحاك بأن لا يكون للصبي مال فإن كان له مال أخذت أجرة رضاعة من ماله.
وقيل المراد بالوارث المذكور في الآية هو الصبي نفسه أي عليه من ماله إرضاع نفسه إذا مات أبوه وورث من ماله، قاله قبيصة بن ذؤيب وبشير ابن نصر قاضي عمر بن عبد العزيز، وروي عن الشافعي وقيل هو الباقي من والدي المولود بعد موت الآخر منهما، فإذا مات الأب كان على الأم كفاية

الصفحة 34