كتاب معاني القرآن للفراء (اسم الجزء: 2)

وقوله- عزّ وجلّ- أن أعمل سابغات [11] الدروع (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) يقول: لا تجعل مسمار الدرع دقيقا فيقلق، ولا غليظًا فيقصِم الْحَلَق.
وقوله: وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ [12] منصوبة عَلَى: وسخرنا لسليمان الريح. وهي منصوبة فى الأنبياء «1» (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) أضمر: وسَخَّرنا- والله أعلم- وقد رفع عَاصِم «2» - فيما أعلم- (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) لَما لَمْ يظهر التسخير أنشدني بعضُ العرب:
ورأيتم لِمُجاشعٍ نَعَمًا ... وبني أبيه جَامِلٌ رُغُب «3»
يريد: ورأيتم لبني أبيه، فلما لَمْ يظهر الفعل رُفع باللام.
وقوله: (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) يقول: غدوّها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر وروحتها كذلك.
وقوله: (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) مثل (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) والقِطْر: النحاس.
وقوله: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) [13] ذُكر أنها صور الملائكة والأنبياء، كانت تصور فِي المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادةً. والمحاريب: المساجد.
وقوله: (وَجِفانٍ) وهى القصاع الكبار (كَالْجَوابِ) الحياض التي للإبل (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) يقول: عظام لا تُنزل عَن مواضعها.
وقوله: تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ [14] همزها عَاصِم والأعمش. وهي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي: أُخذت من نسأت البعير: زجرته ليزداد سيره كما يُقال: نَسأت اللبن إذا صببت عليه الماء وهو النّسىء. ونُسئت المرأة إِذَا حبلت. ونسأ الله فِي/ 152 اأجلك أي زاد الله فِيهِ، ولم يهمزها أهلُ الحجاز ولا الْحَسَن. ولعلهم أرادوا لغة قريش فإنهم يتركون الهمز. وزعم لى
__________
(1) الآية 81.
(2) أي فى رواية أبى بكر. فأمّا حفص عن عاصم فنصب.
(3) الجامل جماعة الجمال. ورغب: ضخم واسع كثير.

الصفحة 356