كتاب معاني القرآن للفراء (اسم الجزء: 2)

أَبُو جَعْفَر الرؤاسي أَنَّهُ سأل عنها أبا عَمْرو فقال (مِنْساتَهُ) بغير همزٍ، فقال أَبُو عمرو: لأني لا أعرفها فتركتُ همزها. ولو جاء فِي القراءة: مِن سِاتِهِ فتجعل (سَاةً) حرفًا واحدًا فتخفضه بِمن.
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَذَلِكَ حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: تَأْكُلُ مَنْ عصاه. والعرب تسمّى رأس القوس السّية، فيكون من ذلك، يجوز فتحها وكسرها، يعنى فتح السين، كما يقال: إنّ به لضعة وضعة، وقحة وقحة من الوقاحة ولم يقرأ بها «1» أحد علمناه.
وقوله: (دَابَّةُ الْأَرْضِ) : الأرضة.
وقوله: (فَلَمَّا خَرَّ) سُلَيْمَان. فيما ذكر أكلت العصا فَخَرّ. وقد كَانَ الناس يُرونَ أنَّ الشياطين تعلم السرّ يكون بين اثنين فلما خرّ تبين أمرُ الجن للإنس أنهم لا يعلمون الغيب، ولو علموهُ ما عملوا بين يديه وهو ميت. و (أَنْ) فِي موضع رفع: (تبيّن) أَنْ لو كانوا. وذُكِرَ عَن ابن عباس أَنَّهُ قَالَ: تبينت الإنس الجن، ويكون المعنى: تبينت الإنس أمر الجن، لأن الجن إِذَا تبيّن أمرها للإنس فقد تبيّنها الإنس، ويكون (أَنْ) حينئذٍ فِي موضع نصب بتبيَّنت. فلو قرأ قارئ تَبَيَّنَتِ الجنّ أن لو كانوا بجعل الفعل للإنس ويضمرهم فِي فعلهم فينصب الجن يفعل الإنس وتكون (أن) مكرورة عَلَى الجن فتنصبها.
وقرأ قوله: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ [15] يحيى «2» (فِي مَسْكَنِهِمْ) وهي لغة يَمانيّة فصيحة. وقرأ حَمْزَةُ «3» فِي (مَسْكَنِهِمْ) وقراءة العوام (مَسَاكِنِهِمْ) يريدونَ: منازلهم. وكلّ صواب. والفراء يقرأ قراءة يحيى.
__________
(1) قرأت بذلك فرقة منهم عمر بن ثابت عن ابن جبير كما البحر 7/ 267.
(2) هى قراءة الكسائي وخلف.
(3) وكذا حفص.

الصفحة 357