كتاب معاني القرآن للفراء (اسم الجزء: 2)

عَلَى قَبْضة مَوْجُوءة ظهرُ كَفّه ... فلا المرء مُسْتحيٍ ولا هُوَ طاعم «1»
ذهب إلى الكفّ وألغى الظهر لأن الكف يجزىء من الظهر فكأنه قَالَ: موجوءة كفُّه وأنشدني الْعُكْليّ أَبُو ثَرْوان:
أرى مَرَّ السنين أخذنَ مني ... كما أخَذ السِّرار من الهلِال
وقال ابن مقبل:
قد صرّح السير عَن كُتْمان وابتذلتْ ... وَقْعُ المحاجن بالْمَهْرِيَّة الذُّقُنِ «2»
أراد: وابتذلت المحاجن وألغى الوقع. وأنشدني الْكِسَائي:
إذا ماتَ منهم سَيّد قام سَيّد ... فَدَانَتْ لَهُ أهل الْقُرى والكنائسِ
ومنه قول الأعشى:
وَتَشرَقُ بالقول الَّذِي قد أَذَعتَه ... كما شَرِقت صدر القناة من الدَّم
وأنشدني يونس الْبَصْرِيّ:
لَمّا أتى خبرُ الزُّبَير تهدّمت ... سورُ المدينة والجبالُ الْخُشّعُ «3»
وإنّما جازَ هذا كله لأن الثاني يكفي من الأوّل ألا ترى أَنَّهُ لو قَالَ: تلتقطهُ السيَّارة لجاز وكفى من (بعض) ولا يجوز أن يقول: قد ضربتني غلامُ جاريتك لأنك لو ألقيت الغلام لَمْ تدل الجارية على معناه.
__________
(1) سبق ص 32 فى 187 من الجزء الأول. وفيه: «مرجوة» فى مكان «موجوءة» ويبدو أن الصواب ما هنا.
(2) انظر ص 187 من الجزء الأول.
(3) هو لجرير من قصيدة يهجو فيها الفرزدق. وكان قاتل الزبير بن العوام غدرا رجلا من رهط الفرزدق، فعيره جرير بهذا. وانظر الديوان 270.

الصفحة 37