كتاب معاني القرآن للفراء (اسم الجزء: 2)

إِذَا ما حَاتم وُجد ابن عمّي ... مَجَدنَا من تكلّم أجْمَعينَا «1»
ولم يقل تكلّموا. وأجود ذَلِكَ فِي العربية إِذَا أخرجت الكناية أن تخرجها عَلَى المعنى والعدد لأنك تنوي تَحقيق الاسم.
وقوله: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [164] ، هَذَا من قول الملائكة. إلى قوله (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) يريد: (المصَلُّون) وَفِي قراءة عبد الله (وإِنْ كُلَّنا لَمَّا لَهُ مقامٌ معلوم) .
وَفِي مريم (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي «2» السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) ومعنى إن ضربت لزيدًا كمعنى قولك: ما ضربت إلا زيدًا، لذلك ذكرت هذا.
وقوله: وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ [167] يعني أهل مكة (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) يقول: كتابًا أو نُبُوَّةً (لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) .
قال الله: فَكَفَرُوا بِهِ [170] والمعنى: وقد أرسل إليهم مُحَمَّد بالقرآن، فكفروا بِهِ. وهو مضمر لَمْ يُذكر لأن معناهُ معروف مثل قوله (يُرِيدُ أَنْ «3» يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) ثم قال (فَماذا تَأْمُرُونَ) «4» فوصل قول فرعون بقولِهم لأن المعنى بيّن.
وقوله: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا [171] التي سبقت لَهُم السعادة. وهي فِي قراءة عبد الله (ولقد سبقت كلمتنا عَلَى عبادنا المرسَلين) وَعَلَى تصلح فِي موضع اللام لأن مَعْنَاهُمَا يرجع إلى شَيء واحدٍ.
وكأن المعنى: حَقّت عليهم ولهم، كما قَالَ (عَلى «5» مُلْكِ سُلَيْمانَ) ومعناهُ: فِي مُلك سُلَيْمَان. فكما أُوخِيَ بين فِي وَعَلَى إذَا اتّفقَ المعنى فكذلك فُعِلَ هذا.
__________
(1) مجدنا أي غلبنا فى المجد.
(2) الآية 93. وقراءة الجمهور: «إلا آتى الرحمن» .
(3) الآية 110 سورة الأعراف.
(4) هذا على أن «فماذا تأمرون» من قول فرعون لا من قول الملأ:
(5) الآية 102 سورة البقرة.

الصفحة 395