كتاب معاني القرآن للفراء (اسم الجزء: 2)

وربَّما أدخلت العرب الْهَاء بَعدَ الألف التي فى (حَسْرَتى) فيخفضونها مَرة، ويرفعونَها. قَالَ:
أنشدني أَبُو فَقْعَس، بعضُ «1» بني أسد:
يا ربِّ يا ربّاهِ إيّاك أسَلْ ... عَفْراء يا ربّاهِ من قبل الأجَل «2»
فخفض، قَالَ: وأنشدني أَبُو فَقْعَسٍ:
يا مرحباهِ بِحمار ناهِيَهْ ... إِذَا أتى قرّبته للسَّانية «3»
والخفضُ أكثر فِي كلام العرب، إلا فِي قولهم: يا هَناه «4» ويا هَنْتَاه، فالرفع فِي هَذَا أكثر من الخفض لأنه كثُر «5» فِي الكلام فكأنه حَرف واحدٌ مدعو.
وقوله: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [58] النصب فِي قوله (فَأَكُونَ) جَواب لِلو.
وإن شئت جَعلته مردودًا عَلَى تأويل أَنْ، تُضمرهَا فِي الكرَّة، كما تَقُولُ: لو أَنَّ لي أن أكُرَّ فأكونَ. ومثله مِمَّا نُصِبَ عَلَى ضمير أنْ قوله: (وَما «6» كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ) المعْنَى- والله أعلم- ما كَانَ لبشرٍ أن يُكلمه الله إلا أن يُوحي إِلَيْهِ أو يرسل. ولو رفع (فيُوحي) إِذَا لَمْ يظهر أن قبله ولا معه كَانَ صوابًا. وقد قرأ به «7» بعض القراء.
قال: وأنشدني بعض بنى أسد:
__________
(1) كذا فى ا، وفى الخزانة 3/ 262: «لبعض» .
(2) بعده:
فإن عفراء من الدنيا الأمل
وانظر الخزانة فى الموطن السابق. وأسل أصلها: اسأل فخفف. [.....]
(3) فى الخزانة 1/ 400 «ناجية» فى مكان «ناهية» وفيها أن بنى ناجية قوم من العرب، وكأن ناهية هنا اسم امرأة، والسانية: الدلو العظيمة وأداتها. وأراد بتقريب الحمار للسانية أن يستقى عليه من البئر بالدلو العظيمة.
وانظر الخزانة.
(4) يا هناه أي رجل، ويا هنتاه أي يا امرأة.
(5) ش: «كثير» .
(6) الآية 51 سورة الشورى.
(7) قرأ نافع وابن ذكوان راوى ابن عامر برفع «يرسل» و «فيوحى» . وهذا غير ما يعنيه الفراء، فانه يريد رفع «فيوحى» مع نصب «يرسل» .

الصفحة 422