تَمَنَّوْا ليَ الموتَ الَّذِي يَشْعَب الفتى ... وكلُّ فتًى والموتُ يلتقيانِ «1»
وأنشدوني:
ركابُ حُسَيْلٍ أشهرَ الصيفِ بُدَّن ... ونَاقةُ عَمْرو ما يُحَلُّ لَهَا رَحْلُ
ويزعمُ حِسْلٌ أَنَّهُ فَرْع قومِهِ ... وما أنت فرع يا حُسيل ولا أصْلُ «2»
وقال الفرزدق:
أمَا نحنُ راءُو دارِها بعد هذه ... يدَ الدهر إلا أنْ يمرّ بِهَا سَفْرُ «3»
وإذا قدّمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت: ما سامعٌ هذا وما قائمٌ أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل هاهنا ولم تدخل ألا ترى أَنَّهُ قبيح أن تَقُولُ: ما بقائم أخوكَ لأنَّها إنَّما تقعُ فِي المنفيّ إذا سَبَق الاسم، فلمَّا لَمْ يمكن فِي (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسُنَ ذَلِكَ فِي (لَيْسَ) :
أن تَقُولُ: لَيْسَ بقائم أخوكَ لأن (لَيْسَ) فعل يقبل المضمر، كقولك: لست ولسنا ولم يُمكن ذَلِكَ فِي (ما) .
فإن قلت: فإني أراهُ لا يمكن فِي (لا) وقد أدخلت العرب الباء فِي الفعل التي تليها «4» فقالوا «5» :
لا بالْحَصُورِ ولا فِيهَا بسوَّارِ
قلت: إن (لا) أشبه بليس من (ما) ألا ترى أنك تَقُولُ: عبد الله لا قائم ولا قاعد، كما تَقُولُ:
عبد الله لَيْسَ قاعدًا ولا قائِمًا، ولا يَجوز عبد الله ما قائم ولا قاعد فافترقتا هاهنا.
__________
(1) ورد هذا البيت الثاني فى شواهد النحو فى مبحث المبتدأ، ونسبه العيني إلى الفرزدق. ويشعب: يفرق.
(2) فرع القوم: الشريف فيهم.
(3) من قصيدة له في مدح بنى ضبة. وانظر ديوانه 315: وقوله: «بها» فى ا: «لها» والسفر: المسافرون ويد الدهر: طول الدهر.
(4) أراد بالفعل الكلمة فأنث اسم الموصول لها. وأراد بالفعل هنا الوصف وفى ب: «الفعل يليها»
(5) الشطر من بيت تقدم للأخطل. ونسبه إلى العرب لما سمعهم ينشدونه هكذا ويقرونه