كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 2)

وأما وفد بني حنيفة ففى صحيح البخارى عن ابن عباس قال قدم مسيلمة الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يقول ان جعل لى محمد الامر بعده تبعته وقدمها فى بشر كثير من قومه فاقبل اليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطعة من جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال لو تسألنى هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وانى لاراك الذى أريت فيه ما أريت وهذا ثابت يجيبك عنى ثم انصرف عنه قال ابن عباس فسألت عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم انى لأراك الذى أريت فيه ما أريت فأخبرنى أبو هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم رأيت في يدى سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحى الى الله في المنام ان انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذا بين نجيم بن صعب بن على بن بكر بن وائل (ففى صحيح البخاري) وصحيح مسلم وغيرهما (مسيلمة) بالتصغير وهو ابن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هنان بن ذهل بن دول بن خليفة (وقدمها) أى المدينة (فأقبل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال العلماء انما أقبل اليه تألفا له ولقومه من رجاء إسلامهم ولتبليغ ما أنزل الله اليه ويحتمل كما قاله عياض انه فعله صلى الله عليه وسلم مكافأة له اذ قصده من بلده وكان إذ ذاك يظهر الاسلام وانما أظهر الكفر بعد ذلك قال عياض وقد جاء في حديث آخر انه هو أتي النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل انهما مرتين (ولن تعدو أمر الله فيك) روى بالنون وهو معنى رواية مسلم ولن أتعد أمر الله فيك وبالفوقية أيضا قال عياض وهما صحيحان فمعني الاول لن أعدو أنا أمر الله فيك من اني لا أحبيبك الى ما طلبته مما لا ينبغي لك من الاستخلاف أو المشاركة ومن اني أبلغك ما أنزل الى وادفع أمرك بالتي هي أحسن ومعنى الثاني ولن تعدو أنت أمر الله في خيبتك مما أملت من النبوة وهلاكك دون ذلك أو فيما سبق من قضاء الله تعالي وقدره من شقاوتك (ولئن أدبرت) عن طاعة الله ورسوله (ليعقرنك) بكسر القاف ليقتلنك (الله) تعالى وقتله الله يوم اليمامة كما سيأتي قال النووي وهذا من معجزات النبوة (وهذا ثابت يجيبك عنى) أى لان وظيفته اجابة الوفود عن خطبهم وسرفهم كما مر (واني لاراك) بالضم أي أظنك (الذى أريت) بضم الهمزة مبني للمفعول (رأيت في يدي) بالتشديد تثنية يد (سوارين) تثنية سوار بكسر السين وضمها وفي رواية اسوارين تثنية أسوار بضم الهمزة وكسرها وهو لغة في السوار (فاهمني) أي أتعبني (شأنهما) أمرهما وفي رواية فى الصحيح ففظعتهما بفاء ومعجمة مكسورة من الامر الفظيع أى الشديد (فاوحي إليّ في المنام) فيه دليل على ان رؤيا الانبياء وحي (ان انفخهما) بضم الفاء وسكون المعجمة (فنفختهما فطارا) فيه كما قال النووي دليل لاعجافهما واضمحلال أمرهما وذهاب أثرهما وكان كذلك وهو من المعجزات (فاولهما كذابين) ووجه مناسبة الذهب للكذاب انه يغر بصورته الحسنة أكثر الناس ويعمى بصائرهم عن التفكر فى

الصفحة 12