كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 2)

ونزل بسببهم قوله تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ الآية ونزل فيهم أيضا آية المباهلة وهي قوله فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ولما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلىّ خلفهما وهو يقول لهم ان أنا دعوت فامنّوا وهو معنى قوله تعالى ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ أي نتضرع في الدعاء والبهل اللعن أيضا فلما فعل ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم تلاوموا بينهم وقالوا ان فعلتم اضطرم عليكم الوادي نارا ثم قالوا له أما تعرض علينا سوى هذا فقال الاسلام أو الجزية أو الحرب نبيا وزعموا انه ابن الله فحجهم النبي صلى الله عليه وسلم بان عيسى ياتى عليه الفناء ويطعم ويشرب ويحدث كغيره من المخلوقين والله عز وجل منزه عن ذلك وحجتهم انما هي كونه لا أب له (ونزل بسببهم) صدر سورة آل عمران الي قوله (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ) في كونه خلق من غيراب (كَمَثَلِ آدَمَ) في كونه خلق من غيراب ولا أم (خَلَقَهُ) الله (مِنْ تُرابٍ) وأنتم موافقون في ان آدم ليس ابنا لله مع عدم الاب والام معا فكيف لا توافقون على ان عيسى ليس كذلك وهو انما فقد الاب فقط وقال العلماء قسم الله الآدميين أربعة أقسام آدم خلقه من غير ذكر ولا انثى وحواء من ذكر بغير أنثي وبنو آدم من ذكر وأنثى وعيسي من أنثي بغير ذكر اظهارا للقدرة العالية (فَمَنْ حَاجَّكَ) جادلك وماراك (فِيهِ) أي في عيسى أو في الحق (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بكون عيسى عبد الله ورسوله (فَقُلْ تَعالَوْا) وأصله تعاليوا بتحتية بعد اللام المفتوحة فاستثقلت الضمة على الياء فخذفت قال الفراء معني تعالى ارتفع أى لانه مشتق من العلو (نَدْعُ) مجزوم بالجزاء وعلامته سقوط الواو (أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) قيل أراد بابنائنا الحسن والحسين ونسائنا فاطمة وأنفسنا يعني نفسه وعليا وقيل هو على العموم لجماعة أهل الدين (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) أي نتضرع قاله ابن عباس أو تجتهد ونبالغ في الدعاء قاله الكلبي أو نلتعن قاله الكسائى وأبو عبيدة (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) منا ومنكم في أمر عيسى (جاء النبى صلى الله عليه وسلم بالحسن) آخذا بيده (والحسين) محتضنا له (وفاطمة تمشى خلفه وعلى خلفهما) وانما أخر عليا عنها ليسترها من ورائها (والبهل اللعن أيضا) يقال عليه بهلة الله أي لعنته (فلما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم تلاوموا بينهم) أى لام بعضهم بعضا وقال لهم العاقب لقد عرفتم يا معشر النصاري ان محمدا نبى مرسل والله ما لاعن قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم ذلك لتهلكن فان أبيتم الا الاقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا الي منازلكم وقال أسقفهم يا معشر النصاري اني لاري وجوها لو سألوا الله ان يزيل جبلا من مكانه لازاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الارض نصراني الي يوم القيامة أخرجه أبو نعيم في الدلائل من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال القاضى في حاشية البيضاوي وابن مروان متروك متهم بالكذب ثم روي أبو نعيم وغيره نحوه مرسلا (الاسلام أو الجزية أو الحرب)

الصفحة 15