كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 2)

يدع طعامه وشهواته من اجلى. للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. واما اذكاره فانه قد ورد انه صلى الله عليه وسلم كان اذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ان شاء الله تعالى. وكان يقول ايضا اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت. وكان يقول أيضا الحمد لله الذى اعانني فصمت ورزقني فأفطرت. وكان يقول اللهم لك صمنا وعلى رزقك افطرنا فتقبل منا انك أنت السميع العليم. وكان صلى الله عليه وسلم اذا افطر عند قوم دعا لهم فقال افطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة. وينبغي للصائم ان يجتهد في الدعاء عند فطره لأنه ورد انه صلى الله عليه وسلم قال ان للصائم عند فطره لدعوة ما ترد قال ابن ابي مليكة سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص اذا افطر يقول اللهم انى اسئلك برحمتك التي وسعت كل شيء ان تغفر لى.
فالله تعالى يعلمه ويتولى جزاؤه (وشهواته) زاد ابن خزيمة وزوجته (من أجلى) قال القرطبى فيه تنبيه على الجهة التي بها يستحق الصوم ان يكون كذلك وهو الاخلاص الخاص به (فرحة عند فطره) أي بزوال جوعه وعطشه أو بتمام عبادته وسلامتها عما يفسدها (وفرحة عند لقاء ربه) أي لما يراه من جزيل الثواب (ولخلوف) بضم المعجمة وصحف من فتحها وهو تغير ريح الفم من الصوم (أطيب عند الله) زاد مسلم في رواية وأحمد وابن حبان يوم القيامة ولا يتوهم من هذا انه تعالى يستطيب الروائح ويستلذها فان هذا محال عليه تعالى (من ريح المسك) هو على ظاهره بان يأتي يوم القيامة ونكهته أطيب من ريح المسك كما يأتي الشهيد وريح دمه يفوح مسكا أو كناية عن الرضاء والقبول وانه أكثر ثوابا من استعمال المسك المندوب اليه في الجمعة ونحوها أو لان الطاعات يوم القيامة تكون ريحا يفوح والصيام فيها من بين العبادات كالمسك أو المراد ان ذلك في حق الملائكة وانهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك وهو مجاز واستعارة لتقريبه من الله تعالى أقوال قال في التوشيح ويؤخذ من الحديث تفضيل الخلوف على دم الشهيد لان دم الشهيد شبه بريح المسك والخلوف وصف بانه أطيب (كان اذا أفطر قال الى آخره) أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمر وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين (الظمأ) بالقصر والهمز (وكان يقول أيضا اللهم لك صمت الى آخره) أخرجه أبو داود عن معاذ بن زهرة مرسلا وأخرجه الطبراني وابن السني من حديث ابن عباس وزاد فتقبل منى انك أنت السميع العليم (الحمد لله الذى أعانني فصمت الى آخره) أخرجه ابن السني والبيهقي في الشعب من حديث معاذ (كان اذا افطر عند قوم الى آخره) أخرجه أحمد والبيهقى في السنن من حديث أنس وأخرجه الطبراني وأبو يعلى من حديث ابن الزبير ولم يذكر وأكل طعامكم الابرار (وصلت عليكم الملائكة) زاد الدميرى في شرح المنهاج وذكركم الله فيمن عنده وليس في الحديث (ان الصيام عند فطره الى آخره) أخرجه ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عمر (دعوه) اسم (ان ابن أبي مليكة) اسمه عبد الله ومليكة بالتصغير (سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول الى آخره) أخرجه ابن ماجه والحاكم في المستدرك

الصفحة 377