كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 2)

صلى الله عليه وسلم قادما وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم الى الله تعالى فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال تعال فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك فقلت بلى والله يا رسول الله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت ان سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكنى والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى عني ليوشكن الله ان يسخطك على ولئن حدثتك حديث صدق تجد على فيه انى لارجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر والله ما كنت قط اقوى ولا ايسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما هذا فقد صدق فقم حتى يقضى الله فيك فقمت وثار رجال من بنى سلمة فاتبعونى فقالوا لي والله ما علمنا عليك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت ان لا تكون اعتذرت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر اليه المخلفون فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فو الله ما زالوا يؤنبوننى حتى اردت أن ارجع فأكذب نفسى ثم قلت لهم هل بقى معى أحد قالوا رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العمرى وهلال بن أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لى ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا ايها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسى الارض فما هى (لقد أعطيت جدلا) أى فصاحة وقوة كلام وبراعة بحيث أخرج عن عهدة ما ينسب الي اذا أردت (المغضب) بفتح المعجمة أى الغضبان (قد ابتعت) أى اشتريت (ظهرك) أى حمولتك (ليوشكن) بكسر المعجمة أى ليسر عن (تجد علي) بكسر الجيم أى تغضب (كافيك ذنبك) بالنصب والفاعل استغفار (يؤنبونني) بالهمزة فالنون فالموحدة أي يلوموننى أشد اللوم (العمرى) بفتح المهملة واسكان الميم نسبة الى بني عمرو ابن عوف هذا هو الصواب ووقع في مسلم العامري وهو غلط (الواقفي) بقاف ثم فاء نسبة الى واقف بن امريء القيس الذى مر ذكره في نسب هلال (فيهما) لي (أسوة) اقتداء (أيها الثلاثة) قال عياض بالرفع موضعه نصب على الاختصاص (تنكرت في نفسي الارض) أى تغير على كل شيء حتى الارض فانها توحشت

الصفحة 38