كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 2)
139 - (بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)
[383] الْأَذَى كُلُّ مَا تَأَذَّيْتَ بِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْقَذَرِ وَالْحَجَرِ وَالشَّوْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالذَّيْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ هُوَ طَرَفُ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ ذُيُولٌ يُقَالُ ذَالَ الثَّوْبُ يَذِيلُ ذَيْلًا طَالَ حَتَّى مَسَّ الْأَرْضَ
(عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ) اسْمُهَا حُمَيْدَةُ تَابِعِيَّةٌ صَغِيرَةٌ مَقْبُولَةٌ
ذَكَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ حُمَيْدَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَقْبُولَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ
انْتَهَى (أُطِيلُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِطَالَةِ (فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) أَيِ النَّجَسِ وَهُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ فِي مَكَانٍ ذَا قَذَرٍ (يُطَهِّرُهُ) أَيِ الذَّيْلَ (مَا بَعْدَهُ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فَاعِلُ يُطَهِّرُ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي بَعْدَ الْمَكَانِ الْقَذِرِ بِزَوَالِ مَا يَتَشَبَّثُ بِالذَّيْلِ من القدر
قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ فِي مَا جُرَّ عَلَى مَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَمَّا إِذَا جُرَّ عَلَى رَطْبٍ فَلَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا بِالْغَسْلِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهَا تُطَهِّرُهُ وَلَكِنَّهُ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ فَيُقَذِّرُهُ ثُمَّ يَمُرُّ بِمَكَانٍ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيَكُونَ هَذَا بِذَاكَ لَا عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ مِنْهُ شَيْءٌ
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ إِنَّ الْأَرْضَ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ الْقَذِرَةَ ثُمَّ يَطَأَ الْأَرْضَ الْيَابِسَةَ النَّظِيفَةَ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُطَهِّرُ بَعْضًا
فَأَمَّا النَّجَاسَةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ بَعْضَ الْجَسَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْغَسْلُ
قَالَ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حَمْلِ الْقَذَرِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ رَطْبَةٍ وَقَالُوا يَطْهُرُ بِالْأَرْضِ الْيَابِسَةِ لِأَنَّ الذَّيْلَ لِلْمَرْأَةِ كَالْخُفِّ وَالنَّعْلِ لِلرَّجُلِ
ويؤيده ما في بن ماجه عن أبي هريرة قيل يارسول الله إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَنَطَأَ الطَّرِيقَ النَّجِسَةَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مالك والترمذي وبن ماجه والدارمي
الصفحة 32