كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 2)

الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر حَتَّى خَتَمَهَا) أَيْ خَتَمَ السُّورَةَ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ جُزْءٌ مِنَ السُّورَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجْهَرَ وَلِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ لِمُجَرَّدِ التَّبَرُّكِ لَا لِكَوْنِهَا جُزْءًا مِنَ السُّورَةِ أَشَارَ إِلَى رَدِّهِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَقْرَأِ الْبَسْمَلَةِ هُنَاكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ فَتُقْرَأُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي النَّيْلِ تَحْتَ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّةِ مَنْ أَثْبَتَ الْبَسْمَلَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى إثابتها مَا ثَبَتَ فِي الْمَصَاحِفِ مِنْهَا بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ كَمَا مَيَّزُوا أَسْمَاءَ السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيِ بِالْحُمْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُخَالِفُ صُورَةَ الْمَكْتُوبِ قُرْآنًا
وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ القران أنها تثبت لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ
وَتَخَلَّصَ الْقَائِلُونَ بِإِثْبَاتِهَا عَنْ هَذَا الْجَوَابِ بِوُجُوهٍ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا تَغْرِيرٌ وَلَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ لِمُجَرَّدِ الْفَصْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْفَصْلِ لَكُتِبَتْ بَيْنَ بَرَاءَةِ وَالْأَنْفَالِ وَلَمَا كُتِبَتْ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ كَانَ مُمْكِنًا بِتَرَاجِمِ السُّوَرِ كَمَا حَصَلَ بَيْنَ بَرَاءَةِ وَالْأَنْفَالِ
انْتَهَى
(فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عزوجل فِي الْجَنَّةِ) زَادَ مُسْلِمٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَهُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ الْحَدِيثَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[785] (وَذَكَرَ الْإِفْكَ) أَيْ ذَكَرَ عُرْوَةُ قِصَّةَ الْإِفْكِ أَيِ الْكَذِبِ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِقَذْفِهَا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُطَوَّلَةٌ (وَكُشِفَ) أَيِ الْحِجَابُ (عَنْ وَجْهِهِ) الشَّرِيفِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوَحْيِ (إِنَّ الذين جاؤوا بِالْإِفْكِ) أَسْوَأُ الْكَذِبِ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها (عصبة

ــــــــــــQقَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بن القيم رحمه الله قال بن الْقَطَّانِ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ أَحَد الثِّقَات وَإِنَّمَا عِلَّته أَنَّهُ مِنْ رِوَايَة قَطَنِ بْنِ نُسَيْرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ وَقَطَنُ وَإِنْ كَانَ رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ يَحْمِل عَلَيْهِ وَيَقُول رَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيث مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ وَجَعْفَرٌ أَيْضًا مُخْتَلَف فِيهِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل عَلَى حُمَيْدٍ وَهُوَ ثِقَة بِلَا خِلَاف فِي شَيْء جَاءَ بِهِ عَنْهُ مَنْ يَخْتَلِف فِيهِ

الصفحة 349